عرض وقفة التساؤلات

  • ﴿وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴿٤٩﴾    [آل عمران   آية:٤٩]
س/ ﴿وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ كم نفس أحياها عيسى عليه السلام؟ ج/ قال الله تعالى عن نبيه عيسى عليه السلام: (وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ)، ‏وقال تعالى مخاطبا عيسى عليه السلام: (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي..) ‏بعث الله كل نبي من الأنبياء بمعجزة تناسب أهل زمانه، فكان الغالب على زمان عيسى الأطباء فجاءهم من الآيات بما لا سبيل لأحد إليه، إلا أن يكون مؤيدا من الذي شرع الشريعة ، فلا قدرة للطبيب على إحياء الجماد، أو على مداواة الأكمه، والأبرص، وإحياء من هو ميت. ‏والظاهر أن إحياء عيسى الموتى، كان بدعاء الله؛ فيدعو عيسى عليه السلام، لمن أذن الله له في حياته بعد موته، فيستجيب الله له . ‏ولم يرد عن النبي ﴿ﷺ﴾ شيء يُذكر فيه من أحياهم عيسى عليه السلام. ‏وإنما يروى ذلك عن بعض الصحابة ولا يثبت عنهم. ‏والأولى بالمسلم أن ينشغل بما يحتاج اليه وينفعه، لأن العلم النافع كثير والعمر قليل لا ينبغي إضاعته فيما ليس وراءه عمل صالح ولا علم نافع. ‏والله تعالى بين لنا كل ما نحتاج إليه؛ قال تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم) (وما كان ربك نسيا) ‏ولو كان مما يحتاج إليه المسلمون لبين لنا نصا. ‏فالسكوت عن مثل ذلك والتوقف أولى. ‏وقد صح عن جابر أن النبي ﴿ﷺ﴾ قال: "اللهم إني أسألك علماً نافعاً". ‏وأخرجه ابن ماجه بلفظ: "سلوا الله علمًا نافعًا، وتعوذوا بالله من علم لا ينفع". ‏وحسنه الألباني. ‏وصح عن أبي هريرة أنه ﴿ﷺ﴾ كان يدعو: "‏اللهم انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وزدني علما". ‏ومن صور العلم الذي لا ينفع تكلف الإنسان تعلم ما لا يعنيه في دينه ولا في دنياه؛ ‏وفي هذا النوع حقيقتان: ‏١- أنه بقدر الانشغال به ينصرف الإنسان عما يعنيه ويهمه فيجهله. ‏٢- أن الشريعة لا تبينه والبيان يكون بقدر الحاجة، ومن تتبع نصوص الوحيين بان له أن البيان بقدر الحاجة، واعتبر ذلك بالتوحيد الذي لم يوجد بيان فيهما كبيانه؛ ثم انظر إلى ما لا يحتاج المسلمون إليه كمسألتكم هذه لا تجدها منصوصة. ‏وروي أنه ﴿ﷺ﴾ سئل: "ما بال الهلال يبدو رَقيقًا كالخيط، ثمَّ لا يزال ينمو حتى يصير بدرًا، ثم ينقص إلى أن يصير كما كان؟ فأنزل الله تعالى ماهو أولى بالجواب مما يحتاجونه ﴿يسألونك عن الأهلة...﴾ الآية، فأعرض عن إجابة السؤال، وأجاب بما يفيد السائل في دينه؛ لأنه سؤال ليس وراءه فائدة. ‏وذكر بعضهم أن في الآية إشارة إلى أن المشتغل بهذه المسائل كالذي يأتي البيوت من ظهورها. ‏ومما ورد ولم يثبت ما روي عن ابن عباس أنه قال: ‏"قد أحيا أربعة أنفس، عازر وابن العجوز، وابنة العاشر، وسام بن نوح". فأما عازر، فكان صديقا له فأرسلت أخته إلى عيسى عليه السلام: أن أخاك عازر يموت وكان بينه وبينه مسيرة ثلاثة أيام، فأتاه هو وأصحابه فوجدوه قد مات منذ ثلاثة أيام، فقال لأخته: انطلقي بنا إلى قبره، فانطلقت معهم إلى قبره، فدعا الله تعالى فقام عازر وودكه يقطر، فخرج من قبره، وبقي وولد له. ‏وأما ابن العجوز: مر به ميتا على عيسى عليه السلام على سرير يحمل، فدعا الله عيسى، فجلس على سريره، ونزل عن أعناق الرجال، ولبس ثيابه، وحمل السرير على عنقه ورجع إلى أهله، فبقي، وولد له. ‏وأما ابنة العاشر: كان أبوها رجلا يأخذ العشور، ماتت له بنت بالأمس، فدعا الله عز وجل باسمه الأعظم، فأحياها الله تعالى، وبقيت بعد ذلك زمنا وولد لها. "‏وأما سام بن نوح عليه السلام: فإن عيسى عليه السلام جاء إلى قبره، فدعا باسم الله الأعظم فخرج من قبره، وقد شاب نصف رأسه خوفا من قيام الساعة، ولم يكونوا يشيبون في ذلك الزمان فقال: قد قامت القيامة؟ قال: لا ولكن دعوتك باسم الله الأعظم، ثم قال له: مت. قال: بشرط أن يعيذني الله من سكرات الموت، فدعا الله ففعل" ذكره البغوي والقرطبي وغيرهما. ‏وفي رواية ضعيفة جدا عن ابن عباس أن الذي أحياه هو "حام بن نوح" وليس "سام". ‏وأورد السيوطي في الدر المنثور أن عيسى عليه السلام مر ذات يوم: "بامرأة قاعدة عند قبر، وهي تبكي، فسألها، فقالت: ماتت ابنة لي، لم يكن لي ولد غيرها، فصلى عيسى ركعتين، ثم نادى: يا فلانة قومي بإذن الرحمن، فاخرجي، فتحرك القبر، ثم نادى الثانية، فانصدع القبر، ثم نادى الثالثة، فخرجت وهي تنفض رأسها من التراب . ‏فقالت: أماه ما حملك على أن أذوق كرب الموت مرتين، يا أماه اصبري، واحتسبي فلا حاجة لي في الدنيا، يا روح الله: سل ربي أن يردني إلى الآخرة، وأن يهون علي كرب الموت، فدعا ربه فقبضها إليه، فاستوت عليها الأرض". ‏وروي عن بعض التابعين من قولهم مما أخذوه عن أهل الكتاب. ‏والموقف من هذه القصص عدم التصديق وعدم التكذيب، مع قلة الجدوى.