عرض وقفة التساؤلات

  • ﴿وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ﴿٣٣﴾    [الزخرف   آية:٣٣]
س/ لم أفهم هذه الآية حتى عندما رجعت إلى التفسير؛ قوله تعالى: ﴿وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ﴾؟ ج/ يقولُ تعالى محقِّرًا الدُّنيا، مبيِّنًا هوانَها عليه: ولولا أن يَصيرَ النَّاسُ كُلُّهم كُفَّارًا إذا رأَوا ما أُوتِيَه الكُفَّارُ مِن سَعةٍ في الأرزاقِ، لَجَعَل اللهُ لأولئك الكُفَّارِ لِبُيوتِهم سُقُفًا مِن فِضَّةٍ، ومَصاعِدَ يَصعَدونَ ويَرتَفِعونَ بها، ولجَعَل لِبُيوتِهم أبوابًا، وأسِرَّةً يتَّكِئُونَ عليها، وجعَلْنا معَ ذلك لهم ذَهَبًا، وما كُلُّ ذلك إلَّا مَتاعٌ وعَرَضٌ زائِلٌ، ونَعيمُ الآخِرةِ عندَ رَبِّك - يا محمَّدُ - للمُتَّقينَ. ‏وفي الآية أنَّ الدُّنيا لا تُساوي عِندَ الله تعالى شَيئًا، وأنْ لا يَتعلَّقَ الإنسانُ بها؛ وأن لا يَهتمَّ بها؛ فليس له مِن الدُّنيا إلَّا ما أكَل فأفْنَى، أو لَبِسَ فأبْلَى، أو تصدَّق فأمضَى. ‏وفي الآية أنَّ كُلَّ هذه المذكوراتِ مَتاعُ الحياةِ الدُّنيا، مُنغَّصةٌ مُكَدَّرةٌ فانيةٌ، وأنَّ الآخِرةَ عندَ اللهِ تعالى خَيرٌ للمُتَّقينَ لِرَبِّهم بامتِثالِ أوامِرِه واجتِنابِ نواهيه؛ لأنَّ نَعيمَها تامٌّ كامِلٌ مِن كُلِّ وَجهٍ، وفي الجنَّةِ ما تَشتَهيه الأنفُسُ وتَلَذُّ الأعيُنُ، وهم فيها خالِدونَ؛ فما أشَدَّ الفَرقَ بيْنَ الدَّارَينِ! ‏وقد وردت هذه الآية مورد الذم للحياة الدنيا، بأن الله تعالى لو شاء لأعطى الكافر منها كل ما يشتهي، من هوانها عليه وهوان الكافر عليه سبحانه، وأنه تعالى لم يفتح على بعض عباده المتقين أبواب الدنيا كلها، لئلا يفتتنوا بذلك، وينسوا الآخرة . ‏وقد صح عن ابن مسعود أنه قال: "إِنَّ اللَّهَ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ، وَلَا يُعْطِي الْإِيمَانَ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ، فَإِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا أَعْطَاهُ الْإِيمَانَ". ‏فإذا كان المتقي والمسلم في ضيق من الدنيا، وهو يرى الكافر في سعة منها: ألا يحزن، بل يحسن الظن بالله، وأن الله جل جلاله لم يمنعه الدنيا لهوانه عليه، ولم يعطها الكافر لكرامة له؛ بل الأمر على العكس من ذلك. ‏روى البخاري، ومسلم : "أن عمر رضي الله عنه دخل على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد نام على حصير أثَّر في جنبه صلى الله عليه وسلم، وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ [جلد] حَشْوُهَا لِيفٌ، قال عمر: فَرَأَيْتُ أَثَرَ الحَصِيرِ فِي جَنْبِهِ فَبَكَيْتُ، فَقَالَ: (مَا يُبْكِيكَ ؟)، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ كِسْرَى وَقَيْصَرَ فِيمَا هُمَا فِيهِ، وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ! فَقَالَ: (أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الآخِرَةُ؟)".