عرض وقفة التساؤلات

  • ﴿وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا ﴿١٣﴾    [الإسراء   آية:١٣]
س/ كيف تكون هذه الآية حجة على القدرية: ﴿وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ﴾؟ ج/ (وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) ‏هذا الاحتجاج مبني على أظهر المعنيين الصحيحين في الآية، وهو أنَّ المعنى: ألزَمْناه ما قدِّر له في الأزلِ مِن عملٍ وشقاوةٍ أو سعادةٍ. ‏اختاره ابنُ جرير، والسمعاني، وابنُ عطيةَ، والرسعني، وغيرهم.‏ أي: وكلَّ إنسانٍ منكم ألزَمْناه عملَه الذي قدَّرْناه عليه؛ وسبَق به قضاؤُنا مِن خَيرٍ أو شَرٍّ، الصادرَ منه باختيارِه، فيُجازَى عليه وَحْدَه، فلا يُحاسَبُ بعَمَلِ غَيرِه، ولا يُحاسَبُ غَيرُه بعَمَلِه. ‏والآياتُ الدالةُ على صحته كثيرةٌ؛ كقولِه: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِن)، وقوله تعالى: (فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ)، وقوله تعالى: (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ). ‏والوجه الآخر أنَّ المعنى: ألزَمْناه عملَه يُجازَى به وحدَه لا غيرُه: واختاره ابنُ جزي، وابنُ كثير، والسعدي وغيرهم. ‏وممن جمَع بينَ المعنيين: البقاعي، والألوسي ‏وهو الظاهر مع ترجيح الأول. ‏والآية على الأول حجةٌ على المعتزلةِ والقَدَرِيَّةِ في إلزامِ الطائرِ، والطائرُ: ما قُضِي عليهم مِن الشقاوةِ والسعادةِ كما في الكتاب القيم "النكت الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام" لمحمد بن علي بن محمد الكَرَجي القصَّاب (ت نحو ٣٦٠هـ) (٢/١٠٨). ‏وهو كتاب من كتب أهل السنة متميز بذكر الاستنباطات العقدية الصحيحة للتقرير والرد بها على المخالفين.