عرض وقفة التساؤلات

  • ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴿٢٤﴾    [الأنفال   آية:٢٤]
س/ رأيت ان السعدي مال إلى الجمع بين الأقوال مهما أمكن. فهل هذا أفضل من الترجيح؟ ج/ القاعدة أن الآية إذا احتملت وجوها وكانت صحيحة لم يكن لأحد صرف معناها إلى بعض وجوهها دون بعض إلا بحجة فيجب الحمل عليها كلها ولا مانع من الحمل على القولين جميعا هنا فيما أعلم والسياق لا يمنعه. ومما يدل لذلك: بعض التفسير النبوي بالمعاني المحتملة الصحيحة مما ليس هو المعنى وحده؛ ولكنه إرشاد لأقصى المعاني. ومن ذلك: • حديث أبي سعيد بن المعلى: "دعاني رسول الله (ﷺ) وأنا في الصلاة، فلم أجبه، فلما فرغت أقبلت إليه، فقال: ما منعك أن تجيبني؟ فقلت: يا رسول الله كنت أصلي؛ فقال: ألم يقل الله تعالى (استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) رواه البخاري في صحيحه. والمعنى المسوقة فيه هذه الآية هو: الاستجابة بمعنى الامتثال، والمراد من الدعوة الهداية، غير أن لفظ الاستجابة لما كان صالحا للحمل على المعنى الحقيقي، وهو إجابة النداء حمل النبي (ﷺ) الآية على ذلك في المقام الصالح له. وكذلك ما جاء في صحيح البخاري وغيره عن ابن عباس أن النبي (ﷺ) قال: "إنكم محشورون حفاة عراة غرلا، ثم قرأ: (كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين) مع أن سياق الآية في الاحتجاج لإعادة الخلق بالخلق الأول لدفع استبعاد البعث وهو كثير في القرآن غير أن التشبيه لما كان صالحا للحمل على تمام المشابهة بين النبي (ﷺ) أن ذلك شامل للتجرد من الثياب.. ولعل منه ما رواه مسلم عن أَبِي سعيد الخدري قال: دخلت على رسول الله (ﷺ) في بيت بعض نسائه، فقلت: يا رسول الله، أَي المسجدين الذي أسس على التقوى؟ قال: فأخذ كفا من حصباء فضرب به الأرض، ثم قال: «هو مسجدكم هذا» (لمسجد المدينة)؛ مع أن سياقها وبعض الأحاديث الصحيحة أنها في مسجد قباء قال ابن حجر: "والحق أن كلًّا منهما أسِّس على التقوى...وعلى هذا فالسر في جوابه (ﷺ) بأن المسجد الذي أسس على التقوى مسجده، رفع توهُّم أن ذلك خاص بمسجد قباء." ولا يظهر ما يمنع من ترجيح بعض هذه الوجوه على بعض لكونه أقرب أو أظهر أو أقوى دليلا مع تصحيحها كلها.