عرض وقفة التساؤلات

  • ﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ﴿٣٨﴾    [الشورى   آية:٣٨]
س/ قال تعالى: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } ما الحكمة من اقتران الصلاة بأمر الشورى وشكرا لكم؟ ج/ مما يدل على تعظيم الشورى اقترانها بصفاتٍ عظيمة منها عبادات اعتقادية وقلبية، كالإيمان بالله تعالى والتوكل عليه، ومنها أخلاق كاجتناب الكبائر من الذنوب والفواحش، وكالعفو عند الغضب، ومنها عباداتٌ ماليةٌ وبدنية، وهي من أركان الإسلام الواجبة،وقد توسطت الشورى بين الصلاة والزكاة وقد توسطت الشورى بين الصلاة والزكاة العبادتين البدنية والمالية، في هذه الآيات [الشورى: ٣٦-٣٨] وهذا يدل على أهميتها والحث عليها، قال الجصاص في الاقتران في الآية :"يدل على جلالة موقع المشورة؛ لذكره لها مع الإيمان وإقامة الصلاة". وهذه الدلالة تسمى: دلالة الاقتران. والحكمة في مجيء الشورى بعد إقامة الصلاة وقبل إيتاء الزكاة تظهر في أمور منها: أولًا: إن الصلاة أقوال وأفعال، والشورى كذلك أقوال تعقبها أفعال، أما الزكاة فهي أفعال خالصة، فناسب أن تقترن الشورى بالصلاة؛ لمشاكلتها في صورتها، وأن تتقدم من أجل هذا على الزكاة. وثانيًا: إن الصلاة يؤديها منفردًا أو في جماعة، وهو في حال انفراده يؤديها على الصورة التي يراها، أما في حال الجماعة فإنه ليس له هذا الخيار، فهو والجماعة من وراء الإمام، الذي يجب أن يلزموا متابعته في كل حركاته وسكناته، والشورى صورة مقاربة للصلاة من هذا الوجه. وثالثًا: إن الصلاة فريضة عامة تجب على كل مسلم ومسلمة وجوب عين، وكذلك التشاور بين المسلمين أمر ملزم لهم جميعًا، ففي تنكير الشورى دليل على إطلاقها وعمومها، وأنها ليست شورى على صفة خاصة معروفة بأهلها، فكل مسلم ومسلمة أهل للشورى، كما هو أهل للصلاة في جماعة. ورابعًا: إن الصلاة يجب أن يسبقها إعداد لها؛ بالتطهر، والوضوء، وكذلك الشورى، يجب أن تسبقها طهارة النفس من الهوى، وخلوها من الدخل. وخامسًا: إن للصلاة وقتًا، فإذا جاء وقتها أذن المؤذن بها، ودعا إليها، وكذلك للشورى وقتها، فإذا حزب المسلمين أمرٌ تنادوا به، واجتمعوا له، وتشاوروا فيه. أما وصلها بالزكاة فإنه يشير كذلك إلى أمور، منها: أولًا: إن القرآن الكريم عبر في هذا المقام عن الزكاة بلفظ الإنفاق من الرزق من الله، وكذلك الشورى هي إنفاق من رزق، هو ما وهب الله من عقل. وثانيًا: لم يقيد النص الإنفاق بل جعله إنفاقًا مطلقًا،يشمل كل رزق من خير، من مال ورأي وعلم وفن.