عرض وقفة التساؤلات

  • ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ﴿١٦٥﴾    [البقرة   آية:١٦٥]
س: مستمع يسأل عن تفسير قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ؟ ج: هذه الآية الكريمة فيها الذم والعيب، لمن اتخذ الأنداد من دون الله ، يقول الله سبحانه وتعالى: وَمِنَ النَّاسِ يعني بعض الناس، وهذا على سبيل الذم والعيب والتنفير وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا والأنداد: هم الأمثال والنظراء يعني في دعائهم إياهم واستغاثتهم بهم، وذبحهم لهم، من أجلهم واتخاذهم الأنداد، بهذا المعنى وأنهم يعلمون أنهم لا يخلقون ولا ينفعون، ولا يضرون فلم يتخذوهم أندادًا في النفع والضر، والعطاء والمنع والخلق والرزق فهم يعلمون أن هذا لله وحده، لكن اتخذوهم أندادًا في العبادات، في دعائهم إياهم وذبحهم لهم، ونذرهم لهم والطلب منهم الشفاعة وطلبهم النصر إلى غير هذا، كما قال في آية في القرآن: مَا نَعْبُدُهُمْ قال سبحانه في الآية الأخرى عن المشركين إنهم قالوا: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى وقال سبحانه عنهم في سورة يونس إنهم قالوا: هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ، يقول سبحانه: وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ هذا هو اتخاذهم الأنداد يطلبون الشفاعة والقربى إلى الله سبحانه وتعالى، بدعائهم إياهم، وذبحهم لهم ونذرهم لهم ونحو ذلك، بالمحبة يحبونهم كحب الله، يحبون أندادهم حبًّا يجعلهم يعبدونهم مع الله، حبّ العبادة لجهلهم وضلالتهم، ثم قال: يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ يعني كما يحب المؤمنون الله، أو يحبونهم كما يحبون الله فشابهه في ذلك، ثم قال سبحانه: وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ يعني أشد حبًّا لله من هؤلاء لأندادهم، لأنّ حبهم لله خالص، وحب هؤلاء مشترك، فالمؤمنون أشد حبًّا لله من هؤلاء المشركين في حبهم لأندادهم وأشد حبًّا منهم لله؛ لأنّ محبة المشركين لله مشتركة مبعضة، ومحبة المسلمين لله وحده كاملة، ليس فيها نقص ولا شراكة، فالحاصل أن المشركين وإن أحبوا الله لكن محبتهم ناقصة، محبتهم ضعيفة؛ لأنهم أشركوا فيها حب الأنداد التي عبدوها من دون الله، أما المؤمنون فهم أحب لله وأكمل حبًّا لله من أولئك لأندادهم، ومن أولئك بحبهم لله، فهم يحبون الله حبًا، أكمل من حب المشركين لله، وأكمل من حب المشركين لأندادهم أيضًا، وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ظلموا: أشركوا الظلم هنا الشرك ولو يرى الذين ظلموا، يعني يوم القيامة، يعني إذا لقوا الله جل وعلا ، وأوقفوا بين يديه، لعلموا أن القوة لله جميعًا، حين يرون العذاب، يعلمون حينئذٍ أن القوة لله جميعًا وأنهم قد ضلوا عن سواء السبيل، وأخطؤوا في اتخاذهم الأنداد وذلك حين يرون العذاب يوم القيامة، حين تقدموا للعذاب يوم القيامة، بسبب كفرهم وشركهم لعلموا أن القوة لله جميعًا، وعرفوا أنهم في باطل في الدنيا، وفي غفلة وفي جهلٍ عظيم، وأن الله شديد العذاب، يعني وعرفوا ذلك أيضًا، فالحاصل أن المشركين في غفلة وضلال وجهل؛ لهذا أشركوا بالله واتخذوا أندادًا مع الله، أما المؤمنون فلبصيرتهم وعلمهم بالله، أخلصوا العبادة لله وحده، وصارت محبتهم لله أكمل محبة وأتم محبة، ليس فيها شرك ولا نقص والله المستعان.