عرض وقفة أسرار بلاغية

  • ﴿الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴿٧٦﴾    [النساء   آية:٧٦]
  • ﴿وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ﴿٤٨﴾    [النمل   آية:٤٨]
  • ﴿أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴿٧٥﴾    [البقرة   آية:٧٥]
  • ﴿مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴿١٣٤﴾    [النساء   آية:١٣٤]
  • ﴿دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴿٩٦﴾    [النساء   آية:٩٦]
  • ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴿١﴾    [النساء   آية:١]
  • ﴿وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا ﴿٢٢﴾    [النساء   آية:٢٢]
  • ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ﴿٣١﴾    [القمر   آية:٣١]
  • ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴿٣٤﴾    [البقرة   آية:٣٤]
  • ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴿١٤٣﴾    [البقرة   آية:١٤٣]
  • ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا ﴿١٠٣﴾    [النساء   آية:١٠٣]
  • ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴿٢٣٢﴾    [البقرة   آية:٢٣٢]
  • ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ﴿٧﴾    [الإنسان   آية:٧]
  • ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴿٣٦﴾    [الإسراء   آية:٣٦]
  • ﴿وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٢٨٠﴾    [البقرة   آية:٢٨٠]
  • ﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴿١٩﴾    [المجادلة   آية:١٩]
  • ﴿وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ ﴿٢٤﴾    [النمل   آية:٢٤]
قوله تعالى : << الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا >>. توطئة : إن المتأمل كتاب الله تعالى يجد فيه (كان) واردة على خمسة معان هي: المعنى الأول: (كان) التي تدل على حصول ما دخلت عليه في الزمن الماضي ثم انقطاعه. وهذا هو الأصل في معانيها، وهي (كان) الناقصة التي ترفع المبتدأ، وتنصب الخبر، مثل قولك : كان المطر نازلا ، فنزول المطر كان في زمن مضى، وانقضى، أما في وقت التكلم فالمطر منقطع، ومنه قوله تعالى : ( وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ) [النمل: 48]، وقوله :أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ المعنى الثاني: (كان) التي تدل على الدوام، وعلى استمرار مضمون خبرها في جميع الأزمنة، فلا يجوز أن تجعل مما حصل مضمون خبرها في الزمن الماضي، ثم انقطع، ولو جاءت بلفظ الماضي فهي ترادف قولك : (لم يزل)، وأكثر ما يكون هذا المعنى في (كان) الداخلة على صفات الله؛ لأن صفاته مستمرة غير منقطعة، ومن هذا النوع قول الله تبارك وتعالى: (وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) [النساء: ۱۳4[، وقوله : (وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)[النساء: 96]، وقوله : إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء: ۱]؛ فالله كان سميعا بصيرا، وغفورا رحيمة، ورقيبا ، في الزمن الماضي، ولم يزل كذلك، وسیدوم عليه. وقد وردت (كان) الدالة على الدوام في غير صفات الله تعالى، كقوله تعالى : ( وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا )[النساء: ۲۲]، وقوله : ( إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا )[الإنسان : ۲۲]، ومنه قول الشاعر قيس بن الخطيم : وكنت امرءا لا اسمع الدهر ستة أس بها إلا كشفت غطاءها(۱) فقوله : ( الدهر) يدل على إرادته ب(كنت) الدوام . المعنى الثالث: (كان) بمعنی (صار)، أي: تحول من حال إلى حال، كقوله تعالى : إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ [القمر: ۳۱]، أي: صاروا کهشيم المحتظر، وقوله: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ » [البقرة: 34]، أي : صار منهم؛ لأنه قبل الأمر بالسجود لم يكن منهم، ومنه قوله تعالى : (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ) [البقرة: 143] ف كنت عليها و بمعنى: صرت عليها؛ لأن تحويل القبلة هو الذي حصل فيه الامتحان، ومنه قول الشاعر عمرو بن أحمر: بتيهاء قفر والمطي كائها قطا الحزن قد كانت فراخا بيوضها المعنى الرابع: (كان) الدالة على الزمن الحاضر ، كقوله تعالی : إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [النساء: ۱۰۳]، وقوله: ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ) [البقرة : ۲۳۲] . المعنى الخامس: (كان) الدالة على الاستقبال، كقوله تعالی : يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ) [الإنسان : ۷)، أي سيكون شره مستطيرا، وقوله : وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [الإسراء: 36]، أي : سيسأل عنه . تلك معاني (كان) الداخلة على الجملة الاسمية المكونة مما أصله المبتدأ والخبر . وتستعمل (كان) تامة كغيرها من الأفعال المتصرفة ، فتكون بمعنی (وجد، وحصل)، فترفع فاعلا، ومنها في القرآن الكريم قوله تعالى: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ " [البقرة : ۱۹۳]، وقوله : ( وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ» [البقرة : ۲۸۰]، أي: إن وجد ذو عسرة. وعودة إلى آية سورة النساء التي هي موضوع النظرة نجد أن كانه فيها تدل على الدوام ؛ فكيد الشيطان ضعيف في كل زمن، ولا يصح أن تبقى (كانه على معناها الأصلي؛ لئلا يكون المعنى : كان كيد الشيطان ضعيفة في الزمن الماضي، أما الآن فهو قوي. وقيل : إن كان هنا بمعنی (صار)، فالتقدير : صار كيد الشيطان ضعيفا بعد الإسلام). والله أعلم. وقد وسوس الشيطان إلى أبي الحسين أحمد بن يحيى بن إسحاق الراوندي، فزين له وه؛ فادعى أن كيد الشيطان ليس ضعيفة؛ وهو الذي قال الله تعالی عنه : اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ » المجادلة : ۱۹] وقال : وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ » [النمل: ۲4)، فزعم ابن الراوندي أن من يستحوذ عليه وعلى قلبه، ويصده عن دينه، كيف يكون ضعيفة ؟. ومن المعلوم أن ابن الراوندي زندیق خبيث) عارض القرآن الكريم، وطعن فيه ، فرد عليه كثير من العلماء وقد أجاب الفخر الرازي - رحمه الله - عن هذا الاعتراض : «أن المراد بأن كيد الشيطان ضعيف، أنه لا يقدر على أن يضر، وإنما يوسوس، ويدعو فقط، فإن ابع لحقت المضرة، وإلا فحاله على ما كان، فهو بمنزلة فقير يوسوس لغني في دفع ماله إليه، وهو يقدر على الامتناع، فإن دفعه إليه فليس ذلك لقوة كيد الفقير، لكن لضعف رأي المالك».