عرض وقفة أسرار بلاغية

  • ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ ﴿٣﴾    [آل عمران   آية:٣]
  • ﴿مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ ﴿٤﴾    [آل عمران   آية:٤]
  • ﴿وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ ﴿١٤٥﴾    [الأعراف   آية:١٤٥]
  • ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴿١﴾    [القدر   آية:١]
  • ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ ﴿٢٠﴾    [محمد   آية:٢٠]
  • ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ﴿٣٢﴾    [الفرقان   آية:٣٢]
  • ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴿٧﴾    [الأنعام   آية:٧]
  • ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿٩٣﴾    [آل عمران   آية:٩٣]
قوله تعالى ( نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ ۗ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (4) ) ( آل عمران 3، 4 ) . ان التعبير ( نَزَّلَ) اختلف عن ( وَأَنْزَلَ) اذا اجتمعا ، فهما اذا اجتمع افترقا ، واذا افترقا يمكن ان يجتمعا ، فالتنزيل يقتضى نزول المنزل مفرقا ومنجما على ازمنه متنوعة ، والانزال يكون بإنزال المنزل كله جملة واحدة ، لا تفريق فيها ، ولا تنجيم . أما اذا لم يجتمعا فيكمن التعبير بالتنزيل ، ويراد به الانزال ، ويرد التعبير بالإنزال ، ويقصد به التنزيل ، وفى هاتين الآيتين اجتمعا ، فورد التعبير عن نزول القران الكريم على رسولنا محمد – صلى الله عليه وسلم – بالتنزيل فقال ( نَزَّلَ) وعن نزول الكتب السابقة بالإنزال ، فقال ( وَأَنْزَلَ) وتعليل ذلك – والله اعلم – ما قاله احمد ابن ابراهيم بن الزبير الغرناطي : " فقوله تعالى ( نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ) مشير الى تفصيل المنزل وتنجيمه بحسب الدعاوى ، وانه لم ينزل دفعه واحده ، اما لفظ ( أَنْزَلَ) فلا يعطى ذلك اعطاء ( نَزَّلَ) وان كان محتملا ، وكذا جرى في احوال هذه الكتب ، فان التوراة انما انما اوتيها موسى – صلى الله عليه وسلم – جملة واحده في وقت واحد ، وهو المراد بقوله تعالى ( وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ ) الاعراف ( 145) الآية ، أي المجموع ، واما الكتاب العزيز فتنزل مقسطا من لدن ابتداء الوحى ... " انتهى كلام الغرناطي رحمه الله . وأقول : وما قوله ( وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ) فليس ناقضا لهذه القاعدة ، اذ علل بعض العلماء التعبير عن ذلك بالإنزال بدل التنزيل بأن المقصود هنا إنزاله الى السماء الدنيا ، كما قال تعالى ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) القدر ( 1) . وقيل : ان المراد بالفرقان فيالآية نصر رسولنا صلى الله عليه وسلم على اعدائه . واقول : ان هذا القول الاخير أرجح عندي ، اذ يؤيده قوله تعالى بعده (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ) . ومما اجتمع فيه الفعلان ، وتفرق معناهما ، قوله تعالى في سورة ( محمد ) : ( وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ ۖ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ ۙ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) محمد ( 20 ) قال ابن الزبير الغرناطي : " ووجه ذلك – والله اعلم – أن المؤمنين هم الذين يودون نزول السورة ، وطلبهم نزلها انما هو على ما اعتادوه جارياً في غيرها من التنجيم وتفصيل النزول ، فالملائم هنا عبارة عن التضعيف –أي : نُزّلَت – وقوله (فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ) انما المراد تحصيلها بجملتها بعد كمالها ، وذلك مفهوم من سياق الكلام ، والملائم – لما تحصل ، وتم – عبارة الانزال من غير تضعيف ، فكل من الموضعين وارد على انسب نظم ، والعكس غير ملائم ، والله أعلم " . انتهى كلامه رحمه الله . واذا انفرد أحدهما بالذكر – أعنى : انزل ، ونزل – لم يكن ممنوعا أن يرد أحدهما بمعنى الاخر ، فقول الله تعالى ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ۚ كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ۖ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا) الفرقان ( 32 ) التنزيل فيه بمعنى الانزال ، لأنه قال : ( جُمْلَةً وَاحِدَةً) وجاء التعبير عن الانزال بالتنزيل في قوله تعالى ( وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ) الانعام ( 7 ) . فالمراد الانزال جملة واحدة لدلالة قوله ( فِي قِرْطَاسٍ) ومثلها ( كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَىٰ نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ) ال عمران (93) ومعلوم ان التوراة أنزلت مجتمعه . والله أعلم .