عرض وقفة أسرار بلاغية

  • ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ ﴿٥﴾    [النمل   آية:٥]
*ما الفرق بين السوء والسيئات؟ السيئة هي فعل القبيح وقد تُطلق على الصغائر كما ذكرنا سابقاً في حلقة ماضية. السوء كلمة عامة سواء في الأعمال أو في غير الأعمال، ما يُغَمّ الإنسان يقول أصابه سوء، الآفة، المرض، لما يقول تعالى لموسى  (وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى (22) طه) أي من غير مرض، من غير عِلّة، من غير آفة. (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ (5) النمل) كلمة سوء عامة أما السيئة فهي فعل قبيح. المعصية عموماً قد تكون صغيرة أو كبيرة، السوء يكون في المعاصي وغيرها (لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ (123) النساء) صغيرة أو كبيرة. فإذن كلمة سوء عامة في الأفعال وغيرها، أصابه سوء، من غير سوء، ما يغم الإنسان سوء، أولئك لهم سوء العذاب (فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) غافر) كلمة سوء عامة وكلمة سيئة خاصة وتُجمع على سيئات أما كلمة سوء فهي إسم المصدر، المصدر لا يُجمع إلا إذا تعددت أنواعه، هذا حكم عام. ولكنهم قالوا في غير الثلاثي يمكن أن يُجمع على مؤنث سالم مثل المشي والنوم هذا عام يطلق على القليل والكثير إذا تعددت أنواعه ضرب تصير ضروب محتمل لكن المصدر وحده لا يُجمع هذه قاعدة. * ورتل القرآن ترتيلا : (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (5)) انظر إلى هذا القصر في الخسارة على المشركين في قوله (وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ). أليس من المكن حذف الضمير (هم) من حيث الظاهر "وهم في الآخرة الأخسرون"؟ فلِمَ إذن أُتي بالضمير (هم) مكرراً (وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ)؟ في هذا التكرار للضمير (هم) إشارة إلى قصر الخسارة على من أشرك بالله دون غيرهم. ولتأكيد هذا الخسران عليهم وحدهم جاء التعبير عن خسرانهم بإسم التفضيل (هُمُ الْأَخْسَرُونَ) دون "هم الخاسرون" للدلالة على أنهم مفردون في خسرتم لا يشبهه خسران غيرهم لأن الخسران في الآخرة متفاوت المقدار والمدة وأعظمه فيهما خسران المشركين.