عرض وقفة أسرار بلاغية

  • ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ﴿٤﴾    [قريش   آية:٤]
قال تعالى في سورة البقرة (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155))و في سورة قريش (أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)) هل لهذا الترتيب وجه بلاغي؟(د.حسام النعيمى) هذا أيضاً ورد في ثلاث آيات بإختلاف: في سورة البقرة قدّم (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)) السبب في هذا أن الآية تتكلم عن قتل وقتال فالخوف وقدم على الجوع، هناك معركة وكلما كان الكلام على قتال وقتل لا يفكر الإنسان بالجوع وإنما يفكر في ذهاب النفس فقدّم الخوف.  في سورة النحل (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112)) الكلام عن الرزق فارزق يناسبه الجوع فقدّم الجوع  فقال (فأذاقها الله لباس الجوع والخوف). هذا في القرآن كله لذلك نقول هذه اللمسات تحاول أن تضيء إضاءات بسيطة أن هذا القرآن من عند الله سبحانه وتعالى وليس من عند محمد (صلى الله عليه وسلم) الأمي. لما كان الكلام على الروق قدّم الجوع. في سورة قريش (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)) الكلام على التجارة والأموال والتجارة طعام وأصلاً تجارتهم كانت طعاماً فقدّم الجوع (فأطعمهم من جوع وآمنهم من خوف). جاء في هذه المواطن الثلاثة ولم ترد في مكان آخر وهذه أسرارها. لما تكلم عن القتال قدّم الخوف ولما تكلم عن الرزق وعلى التجارة والتجارة رزق أيضاً قدّم الجوع. والباقي مناسب (ونقص من الأموال والثمرات) أيضاً قدّم الأموال.قال: (نقص من الأموال) بمعنى قلّصها ولو يقل( نقص في الأموال)لأن نقص فيها تعني في داخلها أصابها شيء أما نقص من الأموال يهني ذهب منها شيء. ولاحظ أيضاً تقديم الأموال في الآية لأنه دائماً تتقدم الأموال إلا عندما تتعامل مع الله تعالى فقدّم الأسمى (الأنفس).