عرض وقفة أسرار بلاغية

  • ﴿ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِّنكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الْأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴿١٥٤﴾    [آل عمران   آية:١٥٤]
آية (154): * (لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ (154) آل عمران) وليس من مضاجعهم؟(د.فاضل السامرائى) يذهبون إلى مضاجعهم من الموت حيث يموتون، إلى مضاجع الموت وليس من الفراش، ليس كلهم يقومون من الفراش، كلهم يقومون من المضجع. لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم التي يموتون فيها إذن المضجع النهائي الذي يموتون فيها، إلى مضاجعهم أي إلى حيث الموت. *ورتل القرآن ترتيلاً: (ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ (154) آل عمران) الأمنة من الأمن والنعاس أول النوم وكان مقتضى الظاهر أن يقدّم النعاس ويؤخر الأمنة لأن (أمنة) بمنزلة النتيجة والغاية للنعاس تماماً كما جاء في آية الأنفال (إذ يغشيكم النعاس أمنة منه) ولكنه قدّم الأمنة هنا تشريفاً لشأنها حيث جُعِلت كالمنزَّل من الله تعالى لنصرهم ولأن الأمن فيه سكينة واطمئنان للنفس أكثر من النعاس. فالنعاس يُخشى منه أن يكون نوماً ثقيلاً وعندها يؤخَذون على حين غرّة. *لِمَ قال عن الطائفة الأولة (منكم) ولم يقيّد الثانية بهذا الوصف فقال تعالى (يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم) ولم يقل طائفة منكم وطائفة منك قد أهمتهم أنفسهم؟(ورتل القرآن ترتيلاً) انظر إلى ما يفيده الوصف (منكم) في كِلا الطائفتين: فعبّر عن الأولى التي يغشاها النعاس بقوله (طائفة منكم) أما الثانية فهي فئة منافقة لذلك ترك الله تعالى وصفها بـ (منكم) لأنه ليست من المؤمنين الذين أمّنهم الله تعالى بالنعاس. *(إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ (155) آل عمران) إستزلال الشيطان إياهم هو الهزيمة واستزلهم بمعنى أزلّهم فما فائدة السين والتاء؟(ورتل القرآن ترتيلاً) إعلم أن زلة الهزيمة هي من أعظم الزلاّت لذلك جاءت على صيغة إستزل لتأكيد وتفظيع هذا الفعل.