عرض وقفة أسرار بلاغية

  • ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴿١٥﴾    [المرسلات   آية:١٥]
*ما اللمسة البيانية في تكرار (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ) في سورة المرسلات؟ د.حسام النعيمى : التكرار عادة للفت النظر. لما ننظر في سورة الرحمن نجد كلمة (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) تكررت كثيراً، هذه الإنسان يتلذذ فيها وكأنه يُقبّل حروفها مع كل نعمة من نِعَم الله سبحانه وتعالى، كل نعمة لما تُذكر يقال بعدها (فبأي آلآء ربكما تكذبان) أي بأي نعم الله تكذبان يا معشر الجن والإنس؟ ففيها نوع من التلذذ بهذا التكرار. في هذه السورة نوع من التخويف والزجر بهذا التكرار (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) عند كل موضع وكل موضع له خصوصيته وله مجاله كما في سورة الرحمن. فالمؤمن عندما يقرأ ذلك يتوقف عند كل جزئية التي فيها (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ). نلاحظ في سورة المرسلات (وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (1)) عطف في البداية ثم بعد ذك ذكر شيئاً بحرف عطف ثم جاء بالفاء (فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا (2)) العلماء يقولون هذا شيء، المرسلات العاصفات شيء، هذه الريح. وبدأ شيئاً جديداً (وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا (3) فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا (4) فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا (5) عُذْرًا أَوْ نُذْرًا (6)) الآن الملائكة. (إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (7) فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (8) وَإِذَا السَّمَاء فُرِجَتْ (9) وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ (10) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (11) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (13)) هذا مشهد يوم القيامة، (وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ (14)) سؤال، (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) المسلم تذهب الصورة عنده ليوم الفصل هذا الويل، العذاب، التهديد، التخويف، وبعض العلماء يقولون ويل وادي في جهنم، ويل في العربية عذاب، ويل لهم أي عذاب لهم وعذاب على صيغة التنكير ويل وأهوال. (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) وبدأ يتكلم (أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (16)) شغلوا دماغكم! هكذا تستمر الآيات في كل مشهد وفي كل صورة تختلف عن الصورة الأولى ويختلف المشهد ويأتي (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) هو إذن نوع من الدقّ على قلوب هؤلاء ليتذكروا ويبصروا، ونوع من التنبيه للمؤمنين والتذكير لهم بحال هؤلاء المكذبين كيف سيكونون حتى لا يدخل الشيطان إلى قلب المؤمن ويجعله من المكذبين. إذن هذا التكرار فيه نوع من التأكيد تأكيد إثر تأكيد لكل صورة من الصور وقارئ القرآن المفترض فيه أن يتوقف ويتمعن مثل سورة الرحمن كلما يصل إلى (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) يتوقف وينظر فيما قبلها ويتأمل فيها ويحمد الله سبحانه وتعالى أن جعله من أهل هذا الدين وليس من المكذبين.