عرض وقفة أسرار بلاغية

  • ﴿فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ﴿٨﴾    [الواقعة   آية:٨]
  • ﴿وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ﴿٩﴾    [الواقعة   آية:٩]
*لماذا لم يرد تصنيف لأصحاب المشأمة في سورة الواقعة على غرار تصنيف أصحاب الميمنة والسابقون؟(د.حسام النعيمى) هذا سؤال وجيه. (إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3) إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (4) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (6) وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) (الواقعة)) السائلة تسأل أهل اليمين ميمنة وسابقون فلماذا لم يصنف أصحاب المشأمة على صنفين؟ ليست المسألة مسألة تقسيم وإنما نحن في هذه الدنيا مؤمنون وغير مؤمنين. المنافقون كافرون في الحقيقة لكن يتظاهرون بالإيمان المنافق كافر ولكن يتظاهر بالإيمان ولذلك صار أشد لأن عنده صفة الكفر إضافة إلى صفة المخادعة. المطلوب في هذه الحياة لما يعرض القرآن الكريم علينا الصور المطلوب المنافسة في الخير (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) المطففين) أنا لما أعلم أن الجنة درجات وأعلاها الفردوس الأعلى وعندي نوع من الهِمّة أحاول أن أسابق الآخرين في الإرتقاء إلى هذه الدرجة العليا، فيها مجال للمنافسة لما أعرف أن يوم القيامة لا يكون الناس على حدٍ سواء الكل في مستوى واحد في الجنة وإنما هناك من يكون قريباً من الأنبياء والشهداء والصديقين ويؤتى بقارئ القرآن يوم القيامة بعد أن يعرّف منزلته في الجنة فيقال له إقرأ ورتل وارتق فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها فيتنافسون في الحفظ. فصار عندنا أصحاب يمين وهؤلاء جنتهم فيها صفات معينة. وعندنا السابقون السابقون جنّتهم لها صفات معينة. فأنا لما أقرأ هذه وأقرأ هذه أحرص على الأفضل فأحاول أن أقدم الخير. لكن الذي سيدخل جهنم هو سيشتوي بمجرد دخولها لا مجال للتمايز، حتى الدركات هم نازلون فيها ليس هناك مجال للتنافس في أخذ الأفضل، لما كان في الجنة مجال منافسة للأفضل كان عندنا ميمنة وسابقون لكن هؤلاء إذا كان سيشتوي سواء كان في الدركة الأولى أو الثانية فهو مشوي مشوي ولا مجال لتشجيعه على التنافس، هم في داخلها ويصطرخون نسأل الله السلامة والعافية. إذن الغرض من التقسيم - والله أعلم - هو الحث على المنافسة، هناك أكثر من درجة، هناك مراتب والناس عند الله سبحانه وتعالى مقامات ليسوا سواء، بل حتى الذين يدخلون الجنة قسم منهم يأتي ليشرب من حوض الرسول  لأن الحوض على وجه اليقين في الجنة وليس خارج الجنة والرسول  هو يسقي شربة لا يظمأ بعدها أبداً، فيأتي ليشرب يمنعه الملائكة أنك أنت منزلتك لا تؤهلك للشرب من حوض محمد . حتى أنه في الحديث يقول  أصحابي أي يعرف بعضهم، قسم من الشُرّاح قالوا أصحابي يقصد من أمتي وظاهر النص أنهم أصحابه في زمنه من أهل الجنة لكن خاض بعضهم فيما خاض من فتن لأنه صارت فتن فيدخل الجنة ولا نشك في ذلك لكن لما يصل لحوض المصطفى  ليشرب منه يقال له لا حتى قيل للرسول  أنت لا تدري ماذا أحدثوا بعدك، أحدثوا فتناً فيما بينهم، فُتِنوا لكن هم من أهل الجنة وهم على العين والرأس لكن لا يشربون من الحوض ولا ندري من هم؟ ولا نستطيع أن نقول فلان أو فلان لا يجوز، لكلٍ مقامهم ونحن مبدأنا أن الصحابة على العين والرأس ولا نخوض فيما شجر بينهم من خلاف ولا نخوض في المفاضلة بينهم ويمكن أن يكون فلان في قلبي أفضل من فلان لسابقته لكن نُهينا عن الحوض في المفاضلة لأنه يؤدي إلى نتيجة (لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ (4) الأنفال) ولا نصل لتراب أقدام أدناهم لكنهم مراتب ودرجات. لذلك جاء التقسيم ميمنة وسابقون وأهل النار أهل نار لا يحتاجون إلى تقسيم لأنه ليس فيه حثٌ على المنافسة والمسابقة. هناك في السعي لنيل درجات الجنان ترغيب في المنافسة لكن أهل النار لا مجال للترغيب. استطراد من المقدم: نحن نفهم هذا في سياق أننا مؤمنون بالله وبآيات القرآن فهل الكفار كانوا يفهمون هذه المعاني؟ التسابق في الخيرات؟ هو كيف يتسابق في النار؟ هل يزيد من سيئاته ليتسابق في أهل النار؟ هم لا يقسّمون ولله المثل الأعلى مثل طلبة جامعة الناجحون يقسّمون لكن الذي يرسب في صفه هو راسب أي سيعيد العام ولا يوجد راسب 40 وراسب 30 هو راسب وسيعيد الفصل الدراسي.