عرض وقفة أسرار بلاغية

  • ﴿وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴿٨٥﴾    [التوبة   آية:٨٥]
مسألة: قوله تعالى: (فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا) . وقال بعده: (ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا) . فالآية الأولى: بالفاء، وتكرار (ولا) وباللام في (يعذبهم) وبلفظ (الحياة) . والآية الثانية: بالواو، وسقوط (لا) ، و (أن) موضع اللام. .. جوابه: أن الآية الأولى: ظاهرة في قوم أحياء، والثانية: في قوم أموات. وأما الفاء في الأولى: فلأن ما قبلها أفعالا مضارعة يتضمن معنى الشروط كأنه قيل: إن اتصفوا بهذه الصفات من الكسل في الصلاة، وكراهية النفقات فلا تعجبك أموالهم، الآية. والآية الثانية تقدمها أفعال ماضية، وبعد موتهم، فلا تصلح للشرط فناسب مجيئها بالواو. وأما قوله تعالى: (ولا أولادهم) فلما تقدم من التوكيد في قوله: (إلا وهم) ، وفى قوله تعالى: - (ولا يأتون) إلى (ولا ينفقون إلا) ، فناسب التوكيد في قوله تعالى: (ولا أولادهم) بخلاف الآية الثانية. وأما (اللام) في الأولى، و (أن) في الثانية فلأن مفعول الإرادة في الأول محذوف، واللام للتعليل تقديره: إنما يريد الله ما هم فيه من الأموال والأولاد لأجل تعذيبهم في حياتهم بما يصيبهم من فقد ذلك، ولذلك قال: (وتزهق أنفسهم وهم كافرون (55) ومفعول الإرادة في الآية الثانية " أن يعذبهم " لأن الأعمال المتقدمة عليه ماضية ولا تصلح للشرط ولذلك قال: (وماتوا وهم فاسقون) وأما: (الدنيا) في الثانية فلأنها صفة للحياة فاكتفى بذكر الموصوف أولا عن إعادته ثانيا.