عرض وقفة أسرار بلاغية

  • وقفات سورة الشعراء

    وقفات السورة: ٢٨٢٧ وقفات اسم السورة: ٣٧ وقفات الآيات: ٢٧٩٠
*تناسب خواتيم الفرقان مع فواتح الشعراء* آخر الفرقان قال تعالى:(قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77)) يعني العذاب يلازمهم وقال في بداية الشعراء (فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (6)) التكذيب للمخاطبين والقدامى (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (3) إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آَيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (4) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (5) فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (6)) (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77)) يعني سيكون العذاب حقاً عليكم ولزاماً عليكم، (وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (5) فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (6)) تهديد. الخطاب للفئتين لكن يجمعها صفة واحدة وهو التكذيب والتهديد في الفرقان (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77)) وفي الشعراء نفس الشيء (فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (6)) وفي السورتين إقرار بأنهم كذبوا. في آخر الفرقان ذكر عباد الرحمن (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63)) وفي الشعراء ذكر المكذبين فاستوفى الخلق (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (3)) استوفى الخلق الصالح والطالح عباد الرحمن والكافرين. في سورة واحدة قد يذكر الصنفين ويقولون كأنما الشعراء استكمال لما ذكر في الفرقان. **هدف سورة الشعراء : أسلوب تبليغ رسالة الله تعالى** السورة مكيّة وقد عالجت أمراً هاماً نحن بأمسّ الحاجة إلى فهمه في عصرنا هذا، فالآيات في السورة تتحدث عن أساليب توصيل الرسالة بأحسن الوسائل الممكنة والإجتهاد في إيجاد الوسيلة المناسبة في كل زمان ومكان. بمعنى آخر السورة هي بمثابة رسالة إلى الإعلاميين خاصة في كل زمن وعصر وللمسلمين بشكل عام. والسورة ركّزت على حوار الأنبياء مع أقوامهم فكلّ نبي كان يتميّز بأسلوب خاص به في حواره مع قومه مختلف عن غيره من الأنبياء وهذا دليل أن لكل عصر أسلوب دعوي خاص فيه يعتمد على الناس أنفسهم وعلى وسائط الدعوة المتوفرة في أي عصر من العصور وعلى مؤهلات الداعية وإمكانياته. والسورة تتحدث عن الإعلام والشعراء الذين هم رمز الإعلام خاصة في عصر النبي  كان شعراء الإسلام وسيلة تأثير هامّة في المجتمع آنذاك خاصة أن العرب كانوا أهل شعر وفصاحة فكانت هذه الوسيلة تخاطب عقولهم بطريقة خاصة. أما في عصر موسى فكان السحر هو المنتشر فجاءت حجة موسى  بالسحر الذي يعرفه أهل ذلك العصر جيداً وهكذا على مرّ العصور والآزمان. وفي كل العصور فإن وسيلة الإعلام سلاح ذو حدين قد تستخدم للهداية (كسحر موسى وشعراء الإسلام) وقد تستخدم للغواية والضلال والإضلال (كسحرة فرعون وشعراء قريش الكفّار). سميّت السورة بالشعراء كما أسلفنا لأن الشعراء في عصر النبّوة كانوا من أحد وسائل الإعلام ولم يكونوا جميعاً كما وصفتهم الآية 226 (وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ) يقولون ما لا يفعلون إنما كان منهم (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ) آية 227 وسيلة للدعوة والهداية. وقد ختمت السورة كما ابتدأت بالرد على افتراء المشركين على القرآن الذي أنزله الله تعالى هداية للخلق وشفاء لأمراض الإنسانية.