عرض وقفة أسرار بلاغية

  • ﴿وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا ﴿٨٦﴾    [مريم   آية:٨٦]
* ورتل القرآن ترتيلاً : (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86)) يقول الشاعر: وجهٌ مثل الصبح مبيضٌ وشعرٌ مثل الليل مسودُّ ضدّان لمّا اجتمعا حَسُنا والضدُّ يُظهِر حسنه الضدُّ هذا شأن الأضداد أن تظهر حسن الحسن وقبح القبيح. والله تعالى يرصد لنا في هاتين الآيتين مشهدين: مشهد المتقين ومشهد المجرمين ليرغّبك أيها المؤمن في الإيمان وينفِّرك من الكفر والفسق. ففي آية المتقين بدأها بالحشر والحشر يُطلق على الخير والشر. ولذلك أتبع فعل الحشر بوصف سمة المحشورين فسماهم (وَفْدًا) لأن الوفود يكونون مكرّمين من مضيفهم لا سيما إن كان الملك هو الرحمن. هذه صورة عباد الرحمن فهم وفودٌ مكرّمة. فما شأن المجرمين؟ إنهم مساقون سَوْق كراهة. وقد اختار البيان الإلهي لحشرهم لفظ (وَنَسُوقُ) دون غيره لما في السَوْق من المذلة. فالسوق هو تسيير الأنعام أمام رعاتها يجعلونها أمامهم لترهب زجرهم وسياطهم فلا تتغلب عليهم. وأكّد صورة المذلة لهم وحشرهم على هيئة الأنعام بقوله (وِرْدًا) فقابل لفظ (وَفْدًا) للمؤمنين. والورد أصله السير إلى الماء وتسمى الأنعام الواردة (وِرْدًا) فهل أذلّ من هذه الصورة؟!