عرض وقفة أسرار بلاغية

  • ﴿فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا ﴿٢٣﴾    [مريم   آية:٢٣]
آية (23): * (فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ (23) مريم) لماذا جاء الفعل فأجاءها؟ (د.فاضل السامرائي) فأجاءها يعني ألجأها المخاض جعلها تجيء, (فأجاءها) الفعل بمعنى الإلجاء وليس بمعنى المجيء. * ورتل القرآن ترتيلاً : (قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا (23)) عندما تتلو هذه الاية أو تسمعها فكأنك ترى مريم عليها السلام مشحونة بمشاعر الخوف والأسى. وذلك بفضل قوة العرض والإيحاء. فمريم العذراء عليها السلام تحمل في بطنها جنيناً في موقف مهول مرعب. فتنزوي مفكِّرة بأي وجه ستقابل مجتمعها. فتعذبها الآلآم النفسية وتواجه الآلآم الجسدية آلآم الوضع وهي بِكرٌ وحيدة غريبة. فماذا تراها تنطق في مثل هذا الموقف المفزع؟ إنها تطلق عبارات تبلغ القمة في تصوير ما تحس به من شتى الأحاسيس. ولذلك لم تقف عند أمنية الموت (قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا) بل بالغت في أمنية الموت قائلة (وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا) وبذلك رصدت هذه العبارة حالتها النفسية المحطمة.