عرض وقفة أسرار بلاغية

  • ﴿إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴿٤٠﴾    [التوبة   آية:٤٠]
* ما دلالة (ثاني اثنين) في قوله تعالى (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَار )40) التوبة)؟(د.حسام النعيمى) العرب عندهم أسلوب في ذكر المعدود (ما يعدّون) تصاغ عندهم على وزن فاعل فيقولون مثلاً هو رابع أربعة. لاحظ في كلام سعد إبن أبي وقاص يقول: مرّ علي يوم وأنا رابع أربعة فكنت رُبع الإسلام. المسلمون كانوا ثلاثة وهو الرابع. كنت رابع أربعة لما يقول رابع أربعة يعني هو واحد منهم، خامس خمسة لما يُشتق من اللفظ نفسه: سادس ستة يعني هو واحد من هذا المجموع. لكن لهم أسلوب آخر: يقولون: رابع ثلاثة أو خامس أربعة. في هذه الحالة يكون متمماً للعدد ولكنه ليس شرطاً أن يكون جزءاً منه. لاحظ في القرآن (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7) المجادلة) نجوى الثلاثة الله رابعهم فالله سبحانه وتعالى من غيرهم لكنه صار في العدد بحضوره رابعاً لكنه ليس منهم. في قصة أصحاب الكهف (سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (22) الكهف) ليس منهم. فلما يقول القرآن ثاني اثنين معناه هما من نوع واحد كثالث ثلاثة ورابع أربعة وخامس خمسة وهذا فيه إشارة إلى منزلة الصدّيق رضي الله عنه لأن كان مع الرسول  يشكّلان اثنين ولم يكن الرسول  من خارجه ولم يكن هو من خارج الرسول  بالمثال الذي ضربناه. هذا فضل لأبي بكر (ثَانِيَ اثْنَيْنِ) لاحظ الآية الكريمة (إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) الصاحب قد يكون موافقاً وقد يكون مخالفاً لكن الآية لما قال تعالى (ثَانِيَ اثْنَيْنِ) معناه هو مصاحب وليس مخالفاً ثم لما قال له (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) لاحظ الفارق بين قول الرسول  لأبي بكر (إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) أي جمع الإثنين بين قول موسى  لما قال (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) الشعراء). أبو بكر صاحب الرسول  وأصحاب موسى قالوا: إنا لمدركون لأنهم وجدوا العدو أمامهم وأبو بكر رضي الله عنه كان يقول: لو نظر أحدهم إلى موضع قدمه لرآنا، كان قلقاً هذا معنى الحزن فيه. كان قلقاً ماذا سيحدث لرسول الله . موسى ماذا قال؟ يحدثنا القرآن الكريم قال(قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) ما قال إن معنا يعني جعل أصحابه بمنأى. هذه الفردية عند موسى. لكن الرسول  جعل أبا بكر معه وقال لا تحزن إن الله معنا. كان ممكناً في غير القرآن أن تُصاغ العبارة بشكل آخر يُخرِج أبو بكر من الآية : إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه وهو في الغار فقال إن الله معي فنصره الله عز وجل. وننظر شيئاً أخر في الآية يتناوله علماء النحو في توزيع الضمائر وإن كان بعض العلماء يقول هذا إبعاد لكن هذه حقيقة. لما يقول (إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) (فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا) الهاء في عليه تعود إلى أبي بكر لأن الرسول  كان مطمئناً والقلِق كان أبو بكر فلما رب العالمين ينزّل عليه السكينة هذا رفع قدر وأبو بكر حقيقة يستحق مثل هذا الرفع. هي الهجرة: الرسول  يركب ناقة دفع ثمنها أبو بكر وإن كان  قال بثمنها قرضة هي في ذهنه، يأكل من مال أبي بكر الزاد الذي كان يأتيهم هو من مال أبي بكر، الذي كان يرعى الغنم حتى يمحو الآثار راعي أبي بكر، الذي كان يأتيهم بالأخبار إبن أبي بكر، الذي كان يأتيهم بالطعام بنت أبي بكر، الدليل الذي قادهم خارج نطاق السير الطبيعي استأجره أبو بكر. لما ننظر دعائم الإسلام: أول ثمانية أقاموا الصلاة قبل أول ثماني جباه تسجد للصلاة غير الرسول : الإمام علي وكان صبياً صغيراً (8 أو 10 سنوات)، زيد بن حارثة أسير حرب يباع ويُشترى لم يكن له تأثير في المجتمع وأبو بكر وخمسة جاءوا بدعاء أبي بكر. إذن كان أبو بكر مع الخمسة يمثلون ستة من ثمانية من الإسلام وهؤلاء إنطلقوا يدعونلأن سعد الذي كان يقول رابع أربعة وكنت ربع الإسلام هو الذي أسال أول دم في الإسلام لأنه كان يجلس مع مجموعة من الشباب يدعوهم للإسلام ومرّ به قوم سخروا منه فتناول لحي بعير فضرب كبيرهم فشجّه شجّة مُنكرة فقال  : كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة ما تحدثوا لنا فتنة. فهذا أبو بكر وموقفه من الرِدّة وموقفه في وفاة الرسول  كيف عصم الله تعالى به الأمّة من أن تتمزق. لذلك الآية كأنها أرّخت في كتاب الله عز وجل لِعِظم منزلة الصدّيق رضي الله تعالى عنه وأرضاه وهذا لا ينقص من أقدار الصحابة الآخرين شيئاً لأنه كلٌ له فضله، كلٌ من الصحابة له فضله لكن هذا أبو بكر. * تكررت (إذ) ثلاث مرات في هذه الآية فما دلالتها؟(د.حسام النعيمى) كلها تأكيدات بمعنى: أُذكر هذا الأمر وأذكر هذا الأمر. (إذ) تأتي دائماً بمعنى أُذكر كذا لأنه أحياناً تكون في البداية كما قلت بالنسبة لموسى (طسم (1) تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (3) إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آَيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (4) الشعراء) لما انتهى من هذا المشهد السماوي بدأ (وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10)) واذكر هذا الأمر. * ما الفرق بين (وأنزل جنوداً لم تروها) و(وأيّدهم بجنود لم تروها) وما المقصود بكلمة: لم تروها؟(د.حسام النعيمى) في سورة التوبة في قوله تعالى (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) التوبة) هذا النصر الذي تحقق في الهجرة هو سلامة رسول الله  من الأذى ، (إن الله معنا) هذه ميزة للصديق رضي الله عنه وما قال  كما قال موسى (إن معي ربي سيهدين) وإنما قال (لا تحزن إن الله معنا) رفع شأن لأبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه. (فأنزل الله سكينته عليه) جمهور العلماء يقولون الهاء في (عليه) تعود إلى الصدّيق لأنه هو الذي كان مشغول البال أما الرسول  فكان مطمئناً وقال له "ما ظنك بإثنين الله ثالثهما". (وأيّده) الهاء تعود على الرسول . (وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا) هذا تقرير عام، (والله عزيز حكيم). (وأيده بجنود لم تروها) الجنود أو الجند. الجند إسم للجنس كما تقول: الماء، الريح، القوم. يقال هؤلاء قوم أي جنس. القوم جنس مكوّن من أفراد فالجند جنس ولذلك هذا الجنس يمكن أن يُجمع كما جُمع قوم أقوام، جند، أجناد. إذا ورد جمع بصيغتين فعند ذلك ينظر في القِلّة والكثرة. فالجند مجموعة على جنود وأجناد، صيغة أفعال في الجمع تكون للقلة فإذن هنا جنود للكثرة. الجند في اللغة: الأنصار والأعوان بعد ذلك أُطلِقٌت متأخرة على القوات المسلحة ثم صار جند وجنود لأن هذا قديماً لم يكن موجوداً.. لما يقال جنّد الجنود أي هيّأ الأنصار: الأنصار لم يكونوا جنوداً وإنما كانوا في السوق يبيعون ويشترون ثم لما ينادى للقتال فيكون في ساقة الجيش. في عهد الرسول  الكل كانوا مدنيون وفي أي لحظة يكونون مقاتلين. الجند في اللغة الأنصار كما قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ (14) الصف) لما نقول أنصار الله بمعنى أنصار شرعته وأنصار دينه. (وأيّده بجنود لم تروها) أي أيّده بأنصار يناصرون رسول الله , ما كان هؤلاء المناصرون؟ يقول تعالى (وما يعلم جنود ربك إلا هو): الغشاوة التي يجعلها على أبصارهم، يجعلهم لا يسمعون، لا يدركون، لا ينتبهون الملائكة تفعل فعلها، كل هذا يدخل. منهجنا في هذا الأمر أن القرآن الكريم إذا لم يفصّل وما عندنا دليل للتفصيل نقف عند ما قال. (وأيده بجنود لم تروها) أنتم لم تبصروا هؤلاء الجند فكان تأييداً من الله سبحانه وتعالى وكان نصراً لأن طبيعة الأشياء أن رجلين فارّين من قومهما وقومهما وضعوا جوائز، طبيعة الأشياء أن يُمسكوا لأنهم في الصحراء وفعلاً هم وصلوا إلى الغار بحيث أن أبا بكر الصديق قال للرسول  : لو نظر أحدهم إلى موضع قدمه لرآنا. فقال : ما ظنّك بإثنين الله ثالثهما. فطبيعة الأشياء أن يلقى عليهم القبض لكن ذلك لم يحدث. لكن الله تعالى نصر رسوله  بجنود لم يروها: تغيير طبيعة الأشياء جزء من جند الله عز وجل، سراقة إبن مالك رأى رسول الله  وصاحبه رضي الله عنه وأرضاه وناداهما فكان أبو بكر يخشى من سراقة لأن سراقة كان من الفرسان المعدودين ولذلك خرج وحده معتمداً على قوته أنه يستطيع أن يجابه الرسول  وصاحبه لوحده لكن غارت قوائم فرسه في الرمال وتكررت ثلاث مرات. هذا جند من جنود الله عز وجل. فهذا هو الجند الذين لم يرهم المسلمون: قد يكونون ملائكة أو الصرف الذي صرف الله به، غشاوات الأعين، عدم الإنتباه، كل هذه الأشياء التي تخالف طبيعة الأشياء هي جند من جنود الله (وما يعلم جنود ربك إلا هو). الحشرة الصغيرة هي جند من جنود الله عز وجل (النمرود دخلت في أذنه حشرة). فهذه الجنود أنتم لم تروها أي ليسوا مناصرين من الرجال الذين ترونهم فنصر الله عز وجل يأتي من غير الأشياء التي تراها أنت. في سورة الأحزاب قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9)) (جاءتكم جنود) جنود تراها العين : قريش ومن جاء معهم من الأحزاب. (جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ) ريحاً هي من جنود الله أيضاً، (وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا). الريح رأيتم فعلهاهذا من جند الله وهناك جنوداً لم تروها. هذه الجنود: التخذيل الذي حدث، الملائكة التي أدخلت الرعب في قلوب هؤلاء الناس، الخلاف الذي وقع بينهم (نبقي أو نمضي) كل هذا هو من جنود الله غير المرئي. فإذن لا يتوقع المسلم أن الله سبحانه وتعالى دائماً يرسل جنداً مرئية لأن الملائكة شاهدها بعضهم في القتال وسمعها بعضهم. أثناء القتال في معركة بدر بعضهم رأى الملائكة وسمع صوتها وهي تتحدث مع بعضها. ويمكن هناك جند لم تروها لم تقع أعينكم عليها سواء من الملائكة أو من غير الملائكة. المهم أن تكون واثقاً بنصر الله سبحانه وتعالى وأنه تعالى له جنود يسخّرهم يكونوا نصراء لدينه. (لم تروها) أي لم تروها رأي العين. الله سبحانه وتعالى يخبرنا عن آثارها كيف ينصر رسوله؟ سماه نصراً نجاة الرسول  من قريش (إلا تنصروه فقد نصره الله) كان نصراً. * ما إعراب كلمة (الله) في الآية (وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) التوبة) ؟(د.حسام النعيمى) هذا إسئناف. يعني جعل كلمة الذين كفروا السفلى . لو قيل في غير القرآن وكلمةََ الله كأنه جعلها ولكن (كلمةُ الله) تقرير أي هي هكذا هي العليا . فهو إستئناف. جعل كلمة الذين كفروا السفلى، الكلام إنتهى. الآن بدأنا كلاماً جديداً (وكلمةُ الله هي العليا) لا يمكن أن يقول وجعل كلمةُ الله هي العليا وكلمةُ الله هي العليا حتى ترتبط الجملتان جاء بالواو الإستئنافية إستأنفت كلاماً جديداً. (كلمةُ الله) هي تقرير لم يجعلها مصنوعة معمولة وإنما هي هكذا هذا وجودها. * ما دلالة لا تحزن في الآية (إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا (40) التوبة) ولماذا لم يقل لا تخف؟ وما الفرق بين الخوف والحزن؟(د.فاضل السامرائى) الخوف هو توقع أمر مكروه لم يقع بعد والحزن على ما وقع من المكروه، إذا وقع المكروه حزِنت. إذن الحوف يسبق الحزن، أن تتوقع أمراً مكروهاً تخشىوتخاف أن يقع فإذا وقع حزن. بالنسبة للآية الكريمة (لا تحزن) كان أبو بكر رضي الله عنه يخاف الطلب أن يُدرك من قِبَل الكفار حتى ذُكِر أنه كان يمشي أمام النبي  وعن يمينه وعن يساره يقول أخشى أن يأتي الطلب من اليمين أو الأمام أو اليسار، الآن هما في الغار فقال لو نظر أحدهم إلى أسفل لرآنا، إذن الآن وقع الطلب بالنسبة لأبي بكر، هم حضروا إلى الغار. الخشية من الطلب، من إدراك الكفار لهم واللحاق بهم لأنه لو لحقوهم أدركوهم. الآن في تقدير أبو بكر أنهم لحقوا بهم لما وصلوا إلى الغار. هو كان يخشى الطلب والطلب انتهى الآن لأن الكفار وصلوا إلى الغار وقال لو نظر أحدهم إلى أسفل لرآنا فصار حزناً على ما وقع أن القوم وصلوا. ما كان يخافه حصل فصار حزناً. مرحلة الخوف انتهت لذا قال (لا تحزن). هو حزِن وكان يخشى من لحاق القوم بهم وأن يقعوا فريسة بين أيديهم والآن وصل الكفار وحصل الأمر بالنسبة له فحزن على ما حصل ومرحلة الخوف ولّت فصار حزناً. فالخوف إذن توقّع حدوث شيء مكروه أما الحزن فيكون على ما وقع.