عرض وقفة أسرار بلاغية

  • ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿١١٤﴾    [البقرة   آية:١١٤]
ما الفرق بين استعمال كلمتي عقاب وعذاب كما وردتا في القرآن الكريم؟ هذه الكلمات هي من لهجات مختلفة فليس بينها فروق ويستدلون بكلمة السكين والمُدية. نجمع كل الآيات التي فيها كلمة عقب ومشتقاتها عقاب وعاقبة وعوقب ومعاقبة بكل إشتقاقاتها وكذلك كلمة عذّب عذاب يعذب معذب تعذيباً يعذبون. الذي وجدناه في هذا أن العقاب وما إشتق منه ورد في 64 موضعاً في القرآن الكريم والعذاب وما إشتق منه ورد في 370 موضعاً. فلما نظرنا في الآيات وجدنا أن هناك تناسباً بين الصوت والمعنى: هو العذاب عقاب والعقاب عذاب أنت عندما تعاقب إنساناً تعذّبه بمعاقبته والعذاب نوع من العقوبة أنك تعذّب إنساناً كأنك تعاقبه. لكن لاحظ لما نأخذ الفعل عقب كيف ننطق القاف؟ القاف يسمونه شديداً يعني يُولد بإنطباق يعقبه إنفصال مفاجيء مثل الباء، بينما الذال المشددة فيها رخاوة وفيها طول. من هنا وجدنا أن كلمة العقاب تكون للشيء السريع والسريع يكون في الدنيا لأن القاف أسرع. والذال فيها إمتداد، هذا الإمتداد يكون في الدنيا والآخرة، العذاب يأتي في الدنيا ويأتي في الآخرة. عندما نأتي إلى الآيات نجدها تتحدث عن عقوبة للمشركين في الدنيا يسميه عذاباً وفي الآخرة يسميه عذاباً ولا يسميه عقاباً في الآخرة (فعذبهم بدخول النار). أما العقاب ففي الدنيا فقط . هذا من خلال النظر في جميع الآيات لكن هناك نظرية تحتاج لتنبيه أنه لما يأتي الوصف لله عز وجل لا يكون مؤقتاً لا بدنيا ولا بآخرة فلما يقول: (والله شديد العقاب) هذه صفة ثابتة عامة يعني هذه صفته سبحانه لكن لما يستعمل كلمة العقاب مع البشر يستعملها في الدنيا لم تستعمل في الآخرة. كذلك العذاب إستعملها للعذاب في الدنيا وفي الآخرة وإستعملها (وأن الله شديد العذاب) لأن العقاب فيه سرعة وردت في القرآن (إن ربك سريع العقاب) وليس في القرآن سريع العذاب. لذلك بعض الآيات التي تؤكد هذا الذي بيّناه: العقاب: (إن ربك سريع العقاب وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165) الأنعام) وصف لله سبحانه وتعالى لكن لم يصف نفسه جلّت قدرته بأنه سريع العذاب. العذاب: الفعل عذّب والعذاب في الدنيا (لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ)، وفي الآخرة (ولهم في الآخرة عذاب عظيم (114) البقرة)، وجاء بها بمعنى العقاب (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين)هذه عقوبة سمّاه عذاباً ما يدل على أن العذاب أوسع من العقاب لأنه يستعمل