عرض وقفة أسرار بلاغية

  • ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴿٧٤﴾    [البقرة   آية:٧٤]
* تأملات في أحسن القصص أذكر في هذا المقام مقام أنه يقول: { إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء} قلت: أتذكرون العجل الذهبي الذي عبده بنوا إسرائيل؟ بلي تذكرون.. من هنا المولى الكريم -سبحانه- يطلب منهم بتعنتهم بقرة صفراء.. يا ترى فطنوا للمعنى المعنوي؟ أعتقد نعم؛ لأن من رأى البقرة الصفراء قطعا الذاكرة اشتعلت، واشتغلت.. يعني قطعا العجل الذهبي مثل لهم فلما يذبحوا البقرة المعني المعنوي، والتربوي قطعا هاهو يحصل أو هكذا يفترض. يا ترى فطنوا للمعنى المعنوي؟ أعتقد نعم؛ لأن اللي شاف البقرة الصفراء قطعا الذاكرة اشتعلت، واشتغلت.. يعني قطعا العجل الذهبي -- الذي عبدوه - مثل لهم فلما يذبحوا البقرة المعني المعنوي، والتربوي قطعا هاهو يحصل أو هكذا يفترض. الآن مولانا -سبحانه- عد على أصابعك كام درس ها نأخذ أو يأخذ المعنيون بهذه القصة من هذه القصة؟ أول الحكم أن يدل القاتل على من قتله.. كيف هو؟ قالوا اذبحوا بقرة.. خذوا قطعة من البقرة واضربوا بها ميت.. ضرب ميت يساوي حي.. ما هذا.. هذه قدرة الله.. هذه معجزة يسوقها الله -عز وجل- بقدرة مولانا نضرب لك أن تتخيل أنه بني إسرائيل طفقوا يجادلون القطعة من البقرة.. عقلية مثل ما علمت عقلية المجادلة، والمفاصلة، وعقلية اتعاب من أمامهم، وهكذا يجادلون في كل شيء.. نضربه في الرأس، ولا في رجله؟ يعني لك أن تتخيل بنفس الطريقة، يحاولون أن يأخذوا أطول مدى ممكن من الإعلانات، والاتعاب، وهكذا.. { فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} إذن : الدرس الأول: اللي أخذناه أنه الجريمة اللي كانت مقيدة ضد مجهول.. الآن علم القاتل، وانتهي التنازع على القاتل.. أحياء أوشكت أن تقتتل، وتقع دماء جديدة.. الدرس الثاني: ما قلناه من ذبح العجل من القلوب.. قبل أن يذبح على الأرض الدرس الثالث: أن أعلم بني إسرائيل الطاعة الفورية، وتلقي الأمر للتنفيذ.. أنتم كالجند في الميدان.. الشعب مع النبي جند في الميدان.. الأمر للتنفيذ العسكري ينفذ، ولا تعترض.. هذا نبي.. هذا رسول يوحى إليه..إذن تعليم بني إسرائيل تلقي التنفيذ، وأن الأمر للالتزام، وليس للصهينية. الدرس الرابع: بنو إسرائيل غلاظ الإيمان بالغيب، وبالذات الإيمان بالآخرة.. يفتح الله.. فنريد أن نعطيهم درساً في قدرة الله على البعث، والقيامة.. فكان درس البقرة أن يذبحوا البقرة ليريهم كيف يحي الله الموتى، وتناسقت القصة مع جو سورة البقرة اللي كله جو الإحياء من بعد الموت.. ماذا نأخذ أيضا من دروس هذه القصة اللي قلنا أيضا؟ الدرس الخامس: إنهاء التنازع الذي كان أهداف كثيرة مثل ما قلت رفع عصافير اصطادناها بحجر واحد.. أعني بنص واحد.. بقصة واحدة.. اصطدنا حزمة مجموعة من الأهداف العظيمة { ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} يا الله! يعني قلوب بني إسرائيل لانت للحظات.. دقائق.. ساعات.. ثم فيها شيء من التراخي { ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ}يعني ما لبثت قلوبكم أن عادت إلى طبيعتها، وعادتها، وهيئتها رجعت القساوة، والعمي النفسي، والقلبي رجع إلى قلوبكم من جديد { ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ} لكي أعطيك صورة مجسدة لقسوة القلب.. ما اكتفى بكلمة قست قلوبهم.. لا أعطاك إياه في مثل مجسد { فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} أشد قسوة من الحجارة.. يعني معقول في قلوب من اللحم تكون أشد قسوة من الحجارة؟ أيضاً أعطاك إياها.. مصورة مشخصة في أمثلة فقال لك: { وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ} الدليل على أن قلوبكم أقسى من الحجارة؟ الحجارة تتفجر منها الأنهار نعم موجود.. موجود { وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء} كالحجر اللي كنتم منه تشربون.. يا بني إسرائيل .. ورأيتم كيف تخرج المياه من حجارة؟ تتشقق صخرة، ولا غيره يكون وراءها خزان ماء في الأرض من قلب الصخر بيطلع الماء { وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ} ثلاث نماذج على الحجارة اللي تفجر منه الأنهار.. أقل منه يتشقق فيخرج منه الماء. ** هذه نماذج من الحجارة.. إما انفجار أنهار.. إما خروج مياه.. إما هبوط من خشية الله. أفيصيب القلوب قلوبكم مثل ما كان من هذه الحجارة؟ الجواب: لا.. إذن قلوبكم أقصى من الحجارة. إذن أعطاك القرآن الدليل العملي ثم ختم الآية الكريمة { وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} تاء الخطاب.. { وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ} عما كنا نتوقع.. يقول: { عَمَّا يَعْمَلُونَ} الماضين لا عما تعملون.. يا حاضرين نزول القرآن، ويا شاهدين هذا النبي -صلى الله عليه وسلم- الله تعالي ليس بغافلا عما تعملون. ** الحقيقة هذا النص تكرر في القرآن مرات كثيرة { وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ } عما تعملون.. لكن في البقرة، وآل عمران { وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } والسياق كان دائما يجيء عن بني إسرائيل.. (وما الله) في البقرة، وآل عمران في باقي المواطن (وما ربك) لأنه في القرآن المكي كان يتنزل لمسح ألم النبي، وجراح النبي -صلى الله على النبي وسلم- فكان (وما ربك) كلمة المواساة ، لكن هنا يربي المهابة في قلوب بني إسرائيل، وغير بني إسرائيل.