عرض وقفة أسرار بلاغية

  • ﴿لَّا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿٦٣﴾    [النور   آية:٦٣]
  • ﴿أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿٦٤﴾    [النور   آية:٦٤]
آية (63-64): *(قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) النور) نحن نعرف أن قد إذا دخلت على الفعل الماضي تؤكده وإذا دخلت على الفعل المضارع يكون الاحتمال في الموضوع فما معنى قوله تعالى (قد يعلم الله)؟ (د.فاضل السامرائى) هذا سؤال نحوي. الشائع عند طلبة العلم أن قد إذا دخلت على الماضي أفادت التحقيق وهم يقولون تحقيق وتوقع وتقريب وقد إذا دخلت على المضارع أفادت التقليل وهذا نصف الحقيقة لأنه من معاني قد إذا دخلت على المضارع تفيد التقليل وقد تفيد التحقيق والتكثير وهذا مقرر في اللغة لكنهم أخذوا جزءاً مما ورد وانتشر. قال تعالى (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء (144) البقرة) هذا التكثير كان يُكثر من ذلك يعني كثيراً من نرى تقلب وجهك، (قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (64) النور) هذا كثير، (قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا) تحقيقاً إذن من معاني قد التقليل ونعلم هذا من السياق وكثيراً من الأمور نعلمه من السياق. إذا كان الفاعل يُتصور عقلاً أنه قادر على الفعل فهي تفتيد التحقيق والله تعالى قادر على كل شيء " قد أترك القرن مصفراً أنامله" يمدح نفسه، هذا في القتال. *في سؤال عن نيابة حروف الجر بعضها عن بعض، هل هذه المسألة مطلقة؟ (د.فاضل السامرائى) النحاة لهم رأيان كبيران، الكوفيين والبصريين. الكوفيين يقولون بالنيابة أما جمهور النحاة لا يقولون بذلك إلا نادراً لا يقولون أن حروف الجر يقع بعضها مكان بعض، يقولون بالتضمين يعني لفظ يُشرَب معنى لفظ فيأخذ حكمه. يعني يُذكر فعل ويذكر معه حرف جر يتعل بفعل آخر، يُذكر مع فعل آخر ليس معه. يذكر فعل يؤتى بحرف جر يتصل بفعل آخر ليس بهذا الفعل في الجملة نفسها يجمع فعلين فعل هذا وذاك الفعل بحرف جر واحد. مثل (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ (63) النور) نحن نقول خالف أمره ولا نقول خالف عن أمره، لم يقل الذين يخالفون أمره وإنما قال (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) نحن نقول خالف الأوامر. ما المقصود؟ يعني بتعدون عن أمره، ينحرفون، ليس فقط المخالفة وإنما أيّ انحراف يذحره الإنسان، أيّ ابتعاد هذا قاله القدامى. ينحرفون عن أمره أو يبتعدون، هذه مخالفة عظيمة. (سمع الله لمن حمده) نحن نقول سمعت فلان، سمع لـ يعني استجاب. سمع لي يعني استجاب لي. *في آخر سورة النور (أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (64) النور) هل يمكن للدكتور الفاضل أن يبين لماذا جاء حصراً العلم بعد (قد)؟ (د.فاضل السامرائى) (قد) إذا دخلت على الماضي للتحقيق وإذا دخلت على المضارع فمن معانيها التقليل ومن معانيها التكثير، من معانيها التحقيق والتقليل والتكثير نفهمها بحسب السياق (قد يصدق الكذوب) هذه قلّة، (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء) تكثير *إذا كان الفعل متحقق الحدوث أو بإمكانية الحدوث يكون تكثير الله سبحانه وتعالى يرى تقلب وجهه في السماء؟ هذا ما يذكره النحاة في معاني (قد) لكننا نحن كنا نعلم الصغار ونكتفي نقول (قد) للتقليل لأنهم كانوا مبتدئين وكانوا لا ياخذون التفصيل، مبتدئين نعطيهم معنى واحد. إما هي (قد) الداخلة على المضارع فمن معانيها التقليل وفيها التحقيق والتكثير. * ورتل القرآن ترتيلاً : (قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا (63)) انظر إلى كلمة (يَتَسَلَّلُونَ) كم تعبِّر عن مضمونها. فالتسلل هو الإنسلال من صُرّة. أي الخروج بخفية خروجاً كأنه سلّ شيئاً من شيء. ويقال تسلل أي تكلّف الإنسلال مثل ما يقال تدخّل إذا تكلّف إدخال نفسه. ولذلك قال عنهم (يَتَسَلَّلُونَ) ولم يقل "ينسلون" ليصور شدة تكلفهم الخروج دون أن يشعر بهم أحد وأنّى لهم ذلك. * ورتل القرآن ترتيلاً : (وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (64)) هل يريد الله تعالى أن يخبر المسيئين بما اقترفوا وحَسْب حتى قال (فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا)؟ أراد بـ(فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا) مجازاتهم وعقابهم جرّاء أعمالهم. فالإخبار إن لم يعقبه عقاب لا جدوى تُرجى منه