عرض وقفة أسرار بلاغية

  • ﴿بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿٥﴾    [الروم   آية:٥]
آية (5) : * (الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) الروم) ما اللمسة البيانية في ذكر صفة الرحيم مع أن الآيات تتحدث عن الحرب والقتال؟ قال (يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ) الذي ينصر عزيز متمكن، وهؤلاء الذين نصرهم ألم يرحمهم؟ إذن هو عزيز قهر الجبابرة ونصر هؤلاء فهو رحمة بهم. ولذلك لاحظ خواتيم الآيات في الشعراء في قصص الأنبياء كلها تختم (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) قصة موسى وإبراهيم وهود ونوح ولوط وشعيب كلها تختم بالآية (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) العزيز يعني هلك الأقوام المتجبرة إذن هو عزيز، رحم هؤلاء ونصرهم فهو الرحيم، إذن الرحمة بالنسبة للمنصورين والعزة بالنسبة للذين قهرهم وأذلّهم فهو عزيز رحيم *هل هناك دائماً مواءمة بين فواصل الآيات والآيات نفسها؟ بحسب القصد لأنه أحياناً الآية تحتمل أكثر من فاصلة لكن المتكلم ماذا يريد؟ حتى في كلامنا العادي لما نتكلم في قصة كل مرة نذكرها لغرض من الأغراض، فماذا يريد هو؟ أحياناً قد تجد في سورة كاملة الفاصلة ليس لها نظير، أحياناً مثلاً في سورة الأحزاب (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1)) قال (وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4)) بينما في آخر السورة قال (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67)) والسياق كله فيه (لام وألف) كلها ممدودة (بصيرا، خبيرا، حكيما) لكن قال (سبيل) مرة و(سبيلا) مرة أخرى. والإعراب جائز. الفاصلة موجودة لكن ليست الفاصلة هي الحَكَم. المعنى هو السيّد.