عرض وقفة أسرار بلاغية

  • ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿١٨﴾    [البقرة   آية:١٨]
*ماالفرق بين( لا يرجعون )و( لا يعقلون )؟ تبقى مسألة في الآية التي سأل عنها السائل: في الآيةالأولى قال تعالى (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18) بيّنا أنهم لا يرجعون إلى النور الذي فقدوه لأنهم نافقوا وطُبِع على قلوبهم والعياذ بالله فلا مجال للرجوع فيناسبه (لا يرجعون). وفي الآية الثانية (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ (170) وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ (171)). هنا أولاً في الآية السابقة لما تكلم على آبائهم قال (أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً) على أبائهم أنهم لا يعقلون فالمناسب أن تختم الآية الثانية (لا يعقلون) فكما أن آباءهم لا يعقلون هم لا يعقلون. والمسألة الثانية أن المثال الذي ضُرِب (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ (171)) صورتهم، صورة هؤلاء وهم يُلقى عليهم كلام الله سبحانه وتعالى كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء، مثل مجموعة أغنام الراعي ينعق فيها، يصيح فيها وهذه الأغنام تسمع أصواتاً لكنها لا تستطيع أن تعقلها، لا تفهم. فكأن هؤلاء وهم يستمعون إلى كلام الله سبحانه وتعالى كالأغنام وعندنا آية آخرى (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179) الأعراف) مثّلهم لأنهم لا يعقلون كلام الله سبحانه وتعالى ولا يستعملون عقولهم في إدراكه جعلهم مثل الأغنام والبهائم. ولذلك هذه الصورة التي يناسبها كلمة (لا يعقلون). وتلك الصورة تناسبها كلمة (لا يرجعون) لا يعودون إلى الإيمان