عرض وقفة أسرار بلاغية

  • ﴿الم ﴿١﴾    [البقرة   آية:١]
  • ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ﴿٢﴾    [البقرة   آية:٢]
*ما الفرق بين (هُدًى لِلنَّاسِ ﴿185﴾ البقرة) – (هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴿2﴾ البقرة) - وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿203﴾ الأعراف) - (وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴿89﴾ النحل) - (وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴿102﴾ النحل) - (هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴿2﴾ النمل) - (هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ ﴿3﴾ لقمان)؟ قال تعالى (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ﴿185﴾ البقرة) هدىً للناس وعندنا هدىً للمتقين (الم ﴿1﴾ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴿2﴾ البقرة) وعندنا أيضاً في سورة الأعراف (وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿203﴾ الأعراف) بالنحل أيضاً (وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى للمسلمين ﴿89﴾ النحل) وبالنحل أيضاً (وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴿102﴾ النحل) وفي سورة النمل (هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴿2﴾ النمل) وفي سورة لقمان (هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ ﴿3﴾ لقمان) مرة هدى للناس مرة للمؤمنين مرة للمتقين مرة لقومٍ يؤمنون ومرة لقوم يتقون ومرة للمسلمين ومرة للمحسنين هو هدىً لمن؟ هدىً لهؤلاء جميعاً. طبيعة هذا القرآن أنه للناس كافة كلٌ يأخذ منه على قدر حاجته الأميّ يأخذ على قدر حاجته، الفيلسوف يأخذ على قدر حاجته، الحاكم على قدر حاجته، صاحب العقل البسيط يأخذ، العبقري العالم المفكر المتدبر يأخذ، كل واحد يجد في هذا القرآن هدايته من أجل ذلك نقول لماذا رب العالمين قال هذا وهذا وهذا وهذا؟ وما الفرق؟ ما الفرق بين المحسنين والمسلمين والمؤمنين والمتقين؟ لا بد أن يكون هناك فرق. (هُدًى لِلنَّاسِ) كلمة الناس لا تعني جميع المخلوقات البشرية الناس المصطلح القرآني ومصطلح اللغة العربية الناس هم أصحاب التأثير في المجتمع يعني الطبقات المتنفذة الفعالة البناءة المهمة، هذا الناس. السفهاء ليسوا من الناس المخربون ليسوا من الناس، الناس هم الصفوة الفعالة كما قال لما النبي صلى الله عليه وسلم لما انتصروا في بدر أحد الصحابة كان يمزح وقال ما كأنها حرب وجدنا خرافاً فنحرناها فقال له (لا يا بني إنهم الناس) هؤلاء وجهاء قريش الذين قتلناهم ليسوا أيّ كلام (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ ﴿173﴾ آل عمران) (إنهم النَّاسُ) الناس أي عِليَة القوم (إِنَّ النَّاسَ) أي الوجهاء والقادة. فرب العالمين يقول هذا القرآن (هدىً للناس) أصحاب النفوذ والفكر المؤثرين الذين لديهم أراء في المجتمع فعالين بُناة المجتمع هؤلاء الناس . هذا القرآن (هدىً للناس) الذي نزل في رمضان واقتران رمضان بالقرآن اقتران غريب عجيب ولهذا المسلمون جميعاً عندما يأتي رمضان يتركون أعمالهم وأشغالهم وكل شيء وينشغلون بالقرآن الكريم لأن شهر رمضان اسمه شهر القرآن، هذا للناس. (لِلْمُسْلِمِينَ) المسلم نوعان المسلم من قال لا إله إلا الله خلاص انتهى صار مسلماً هذا مسلم عام المسلم الخاص هو الذي أسلم كل أعماله وأفكاره وحركاته لله تسليماً كاملاً هذا شأن الأنبياء (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ ﴿12﴾ الزمر) (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿161﴾ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿162﴾ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴿163﴾ الأنعام) يعني جميع الأنبياء والصالحون أمروا أن يكونوا من المسلمين فهذا الإسلام النهائي الذي قال عنه (وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) هذا واحد. المؤمنون نوعان أيضاً مؤمن عام يؤمن بالله ويصلي ويصوم والخ أيّ كلام لكن صحيحة وليست باطلة المؤمن الخاص (أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ﴿4﴾ الأنفال) هذا مؤمن حق الذي يؤدي الفرائض والطاعات أداءاً ممتازاً (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴿1﴾ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴿2﴾ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴿3﴾ المؤمنون) إلى آخر الآيات تتكلم عن كيف أن هذا المؤمن دقيق في أداء ما أوجب الله عليه سبحانه وتعالى. أيضاً قال (لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ ﴿6﴾ يونس) المتقي هو المسلم زائد المؤمن يساوي المتقي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ﴿278﴾ البقرة) المؤمن الحق هو الذي يؤدي الطاعات بشكل رائع المُتقي هو الذي يجتنب النواهي بشكل رائع مُطلق قلبه محفوظ ولسانه محفوظ وعينه محفوظة هذا المتقي (الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴿63﴾ يونس) إذاً التقوى بعد ذلك. يأتي بعد ذلك قال (لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) وليس للمتقين لقومٍ يتقون وليس للمؤمنين قال (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) المتقي خلاص صار بطلاً في التقوى مثل شخص رياضي لعب بالأولمبياد بالصين أخذ ميدالية هذا رياضي لكن نحن كل صبح نمشي شوي ونلعب حركات بسيطة نحن نلعب رياضة لكن نحن لسنا أبطال رياضة فلقومٍ يتقون يتقي يوماً ويخربط يوماً ويتقي يوم ويخربط يوم يعني لم يصبح بطلاً لكن يحاول قدر الإمكان هذا (لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ)، هناك للمتقين (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ ﴿9﴾ العنكبوت) سنجعله بطلاً في الصلاح. حينئذٍ هؤلاء جميعاً هذا القرآن الكريم بشرى وهداية لهم كل واحد يستطيع أن يأخذ له منهجاً مفصلاً عليه (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ﴿48﴾ المائدة) ولذلك إياك أن تغتر وتحسب نفسك متقي أو من المؤمنين الكبار أو من العلماء الكبار وتزدري شخصاً مُبْتَدِءاً يؤدي الصلوات ثق هذا إذا كان يعترف أنه مازال في البداية وأنت ترى نفسك أحسن منه فهو أحسن منك بألف مرة فإياك هذا مستواه . عيب على واحد طالب في الجامعة يحتقر طالباً في الصف الأول الابتدائي يا أخي هذا هو مستواه ما ينفع إلا يمر بهذه المرحلة لكن أن تحتقره لأنه في الابتدائي أنت أيضاً كنت في الابتدائي حينئذٍ هذا (لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ). رمضان إذاً (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ﴿48﴾ المائدة) في منهاج ابتدائي وثانوي وكلية ودكتوراه وماجستير الخ كل هؤلاء كل واحد له منهجه. من أجل هذا عليك أن يكون القاسم المشترك بينكما القرآن من أجل هذا إذا احتقرت أحداً فقد هلكت. الله يقول لك (وعزتي وجلالي لأدخلنه الجنة وأدخلنك النار مكانه) هذا هو السر في أن الله قال (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ). باختصار شديد بقيت دقائق أقول لكم شيء كلنا خطاءون نعم (ولو لم تذنبوا لذهب الله بكم) وأخطاؤنا بقدر السموات . الفرصة الأخيرة والأكيدة والتي لا نقاش فيها رمضان إن لم يغفر لك في رمضان فمتى؟ والله إن لم يغفر لنا في هذا الشهر فلا أمل. من أجل هذا الكيّس منا عليه أن يعتبر ويفترض أن هذا الرمضان آخر رمضان في حياته وراءها سأموت وكل الذين يسمعونني الآن عدد كبير سيموتون قبل رمضان القادم، بعد رمضان إلى رمضان القادم مليون واحد نص مليون ربع مليون سيموتون إذاً افترض أنت واحد منهم وهذا محتمل "إذا أصبحت لا تنتظر المساء وعُدّ نفسك من الموتى" طيب أنت هذا الشهر الذي هو آخر رمضان في حياتك ما أتقنته بحيث تؤدي به ثلاث شروط أساسية الأول أن يكون أبواك راضيين عنك لا أمل في مغفرة ولا قبول للصيام ولا قيمة لرمضان إذا لم يكن أبوك وأمك يحبوك أو تحبهم يعني راضين عنك لا يوجد رحمة واحد فإذا أبوك زعلان أو أمك زعلانة رُح الآن وقبل أحذيتهم قل يا أبي جاء رمضان وذنوبي بقدر السموات أعف عني يعفوان عنك قطعاً، ثانياً ألا تقطع الرحم لا يوجد بينك وبين رحمك قاطعهم يعني مرحباً سلام عليكم خالتي عمتي ابن عمي خالي ما عندك قطيعة رحم واحد جوعان تعطيه واحد محتاج تساعده، ثالثاً ليس بينك وبين مسلم قطيعة (أخوان متصارمان) هذا الاثنين المتخاصمين لا يتحدثان لا يُغفَر لهم في رمضان ولا ليلة القدر ولا على عرفة الله يقول (دعوهما حتى يصطلحان) فإذا بينك وبين واحد خصومة ارفع التلفون مرحباً يا أخي سلام عليكم غداً رمضان ورمضان ما يقبل إذا نحن متخاصمان يا أخي مرحباً يا أخي إذا قال لك أهلين فلان قسمت بينكم سبعون رحمة إذا قفل التلفون كل السبعين رحمة لك وأنت حينئذٍ تفوز فوزاً عظيماً يوم القيامة. فإكسر نفسك لله واخزِ الشيطان وإذا قابلت شخصاً أنت متعدي عليه أو هو متعدي عليك لا يهم لكن لا تتخاطبون وعندما تلتقون لا أحد يسلِّم على الثاني قل له يا أخي نحن بكرة رمضان الله يخليك سامحني حتى يقبل صيامنا فإذا وافق فبها وإذا لم يوافق أنت الذي فزت بها. والشيء المهم هذا اللسان من أول رمضان إلى آخره لا تغتب فيه أحد ترى هذه ليست سهلة فمن الآن جرِّبها جرب غداً وبعد غد انتبه إذا اغتبت أحداً أو ذكرته بالسوء أو حتى بأيّ كلام ستكتشف أنك كم تغتاب ولا تدري! تعودنا على الغيبة بحيث لا تلفت النظر! اضبط لسانك إذا جاءوا بذكر فلان ذكرهم بأن هذه غيبة وفلان غير موجود إذا اغتبت في رمضان فلا رمضان لك (رمضان جنة ما لم يخترق قالوا: بمَ يخترق يا رسول الله؟ قال: بالغيبة) إذاً بر الوالدين رضا الوالدين رضا الرحم صلح بين اثنين متخاصمين وأن لا تغتاب والذي بعث محمد بالحق كما قال صلى الله عليه وسلم ينتهي رمضان وليس عليك ذنب واحد. هذا واحد المكسب الثاني رب العالمين يضيف إلى رصيدك رصيد 83 سنة قيام ليلها كامل وصيام نهارها كامل وكأنك تصلي خمس أوقات في الجامع وما أذنبت ذنباً 83 سنة يضاف إلى رصيد حسناتك التي هي ليلة القدر (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴿3﴾ القدر) كل هذه المغانم العظيمة تضيعها على والله فلان لا أتكلم معه، تغتاب فلان وهو غير موجود، أمك وأبوك غير راضين عنك أو واحد منهم لماذا؟ يا مسكين وراءك قبر، وراءك حساب وكتاب ولهذا يا أولاد الحلال هذا الرمضان افترضوا أنه آخر رمضان فاتقوا الله في أنفسكم يكون ما يأتي أخر يوم من رمضان إلا وأنت مغفور لك والنبي يقول (رغم أنف عبدٍ أدرك رمضان ولم يغفر له) إن لم يغفر له في رمضان فمتى؟ والسلام عليكم.