عرض وقفة أسرار بلاغية

  • ﴿الم ﴿١﴾    [البقرة   آية:١]
  • ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ﴿٢﴾    [البقرة   آية:٢]
الذي أنزله الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم يمكن أن يقال هو الكتاب ويمكن أن يقال هو القرآن ويمكن أن يقال هو الفرقان ويمكن أن يقال هو الذِكر لكن أسماء الإشارة عندما تُستعمل تستعمل لغايتها فإسم الإشارة في الأصل هو (ذا) لوحدها لكن يدخله الهاء للتنبيه كأنما يقدم عليه شيئاً ينبّه فقال (هذا). وأحياناً تدخل عليه الكاف التي تشير إلى البُعد فيقول (ذاك) وقد تدخل عليه اللام التي تشير إلى البُعد المُفرِط (ذلك) للبعيد جداً علماؤنا يقولون هذا نوع من تشريف للكتاب بأنه لم يُشر إليه بإشارة القريب وإنما أراد أن يعظّمه. وقسم قال إذا أشار إلى الكتاب الذي في اللوح المحفوظ قال (ذلك) معناه الكتاب الذي في اللوح المحفوظ والذي لا يمسه إلا المطهّرون من الملائكة. فقد أشار إليه بهذا لأنه لما أراد ما بين أيدي الناس فيشير إليه إشارة القريب كقوله تعالى (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) هو بين أيديهم. القرآن والكتاب واحد وهو الآيات التي أنزلها الله عز وجل على محمد  لكن لما يقول الكتاب كأنه إشارة إلى هذا المدوّن وهو نفسه المقروء. هو كان مسطّراً في اللوح المحفوظ ثم نزل مقروءاً ثم قرأه الرسول  ثم سُطِّر. هذه في مسألة (ذلك الكتاب) لأن الإشارة إلى الكتاب الذي في اللوح المحفوظ ويراد إدراك الرسم، الكتابة فجاءت كلمة (الكتاب) وكان يمكن في غير القرآن أن يقال (ذلك القرآن) لكن لأن الكلام جاء على أنه في تكوينه ليس فيه شك، في ماهيّته هو خالٍ من الشك الذاتي يعني هو غير قابل لأن يُشكّ فيه بذاته قال (لا ريب فيه) انصرف الذهن إلى الكتاب الذي في اللوح المحفوظ (ذلك الكتاب لا ريب فيه). والريب أدنى درجات الشك والشك أقوى من الريب والريب كأنه أول درجات الشك. هذا الكتاب بذاته يخلو من أي ذرة من ذرات الشك فإذن هو يخلو من الريب.