عرض وقفة أسرار بلاغية

  • ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴿٤٦﴾    [الكهف   آية:٤٦]
آية (46): *ما سر تقديم المال على البنون في قوله تعالى (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا(46))؟(د.حسام النعيمى) المال والأنفس والمال والبنون دائماً المال مقدم على البنين وعلى الأنفس. يتقدم ذكر المال على الأولاد وعلى الأنفس حيث وردا مجتمعين في القرآن الكريم والسبب في هذا لأن المال أظهر من الأولاد. يعني قديماً كان مال فلان يُرى: الأغنام والإبل وما أشبه ذلك والمال يمكن أن يفخر به الإنسان وقد لا يفخر بأولاده فقد يكونا سيئين بحيث لا يستحقون أن يفتخر بهم. والمال هو الزينة أكثر من الأولاد (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) زينة المال أظهر من زينة الأولاد وأوضح للناس والمجتمع: يرون المركب الفاره والقصر المنيف يرونه أكثر من رؤية الأولاد. لكن في موضع واحد وهذا يقتضي أن يُسأل عنه وفي سورة التوبة (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)) قدّم الأنفس وسببه واضح لأن التعامل هنا مع الله ومع الله عز وجل وهذا ينبغي أن يقدّم الأسمى. تقديم المال في آية الكهف ليس لأنه أسمى ولكن لأنه أظهر وأوضح أما في التعامل مع الله تعالى لا بد أن يقدم النفس. لا شك أن المناسب لما إشترته الله سبحانه وتعالى لما كان قد وهبه إبتداءً أن يقدم الأعلى (الأنفس). حيثما ورد المال والأنفس يتقدم المال لأنه أظهر. * آية المال والبنون (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46) الكهف) هل الواو حرف عطف وهل حرف العطف يهتم بأن المال أهم من البنون أو أن المال يأتي أولاً لأجل البنون؟(د.فاضل السامرائى) الواو هنا عاطفة وهذا يدخل في باب التقديم والتأخير قدم المال على البنين هنا لأنه قال زينة الحياة الدنيا والزينة بالمال أظهر من البنين فقدم المال لأنه لما قال زينة قدم ما هو أدل على الزينة (وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ (6) الإسراء) وتقدم الأموال على الأولاد بحسب السياق. قال تعالى (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (14) آل عمران) هنا أخرها (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24) التوبة) أخر الأموال، لما يذكر مسألة الحب الفطري يؤخر الأموال لأن الأموال تترك للأبناء يعمل ويكد ويعلم أنه ميت ويترك الأموال للأبناء. أحياناً نرى كلمة متقدمة وفي موطن آخر نراها متأخرة كما مر بنا في النفع والضر. الواو لها أغراض أخرى في اللغة غير العطف مثل واو القسم (والليل) واو الحال (إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ (8) يوسف) واو الاسئتناف، واو الثمانية قالها بعض النحاة ورفضها عموم النحاة وأنا شخصياً لا أقبلها. * نزل في القرآن الكريم (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا (46) الكهف) أيهما أهمّ المال أو البنون؟ الواو واو عطف معطوفة على المال فهل البنون أهم أو المال؟(د.فاضل السامرائي) في الزينة المال مقدّم ولذلك لما ذكر ربنا قارون قال (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ َالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ (79) القصص) ما ذكر له ابناء يتبعونه (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ (81)) ما ذكر لا بنين ولا أهل. إذا كان التعبير عن المحبة يقدم الأبناء (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ (24) التوبة) * في المحبة أخّر المال وقدّم الأولاد طبعاً المال يُترك للأولاد ورعايتهم ويُصرف لهم، قطعاً عندما يتكلم عن الزينة يقدّم المال كل واحدة في سياقها. * ما دلالة الاختلاف بين قوله تعالى (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ (14)آل عمران) و (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46) الكهف) ؟ (د. أحمد الكبيسي) رب العالمين في مكان يقول أحلى شيء بالدنيا بالتسلسل أولاً النساء ثم البنين ثم القناطير المقنطرة من الذهب والفضة هذه ثلاثية تاريخية أول أجمل شيء في الحياة النساء ثم الأولاد ثم المال هذه آية في آل عمران (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ (14) آل عمران) الحياة الدنيا حلاوتها بالنساء أولاً ثم البنين ثم المال، هذه في آل عمران. في سورة الكهف تغيّرت القضية قال المال أولاً والبنون ثانياً زينة الحياة الدنيا (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46) الكهف) كيف هذا؟ إذاً ما هو الأًصح؟ كيف أول مرة النساء ثم البنين ثم المال وفي الكهف يقول لك لا المال أولاً والبنين ثانياً؟ في الحقيقة لا يوجد تناقض. الإسلام مرة تكلم عن الاشتهاء ما تشتهي نفسك ومرة تكلم عن ما تحبه فهنالك فرق بين أن أشتهي شيئاً وبين أن أحبه. قد أشتهي شيئاً لكن ما أحبه وقد أحب شيئاً ولكني ما أشتهيه أنت قد تشتهي زوجتك لكنك لا تحبها وقد تحب ابنك لكن ما تشتهيه. إذاً فالحب شيء والشهوة شيء ثاني فلدقة القرآن الكريم تكلم بهذا الإعجاز الإلهي وحقيقة لا يستطيع أحد أن يقول لا. هذا المتنبي في طريقه إلى إيران طلع عليه قاطع طريق قال يا متنبي ماذا لديك؟ قال له هذا مالي فقال له إما دمك وإما هذه الفلوس فقال له خذ عمري وقد كانت الدنانير من ذهب وفعلاً رفض المتنبي أن يعطيه أمواله وفدى ماله بنفسه وهو بسيط فالمال أغلى من النفس، هذا صنع الله فالمال أولاً والبنون ثانياً زينة الحياة الدنيا لكن أنت ما تشتهي المال وتعشقه لا ولا تعشق ابنك فابنك عزوتك وقوتك ومستقبلك هو والمال. فالمال وجاهة حتى لو أنك أنت أبخل الناس واحد بخيل لا يعطي الدرهم ولكنه مليونير الناس تخشاه ويكون وجيه ويقدره الناس والخ المال وجاهة لا العلم مثله ولا الشعر مثله ولا الأصل والنسب مثله مع أن هذه كلها أسباب عظيمة. المال أولاً يشهرك المال يحترمك الناس بالمال يهابوك بالمال أنت وجيه بالمال فالمال أولاًً ثم البنون. أنت بالبنين قد تكون أبو فلان لكنك فقير فما الفائدة؟ أنت إذا تعاركت ابنك يدافع عنك فقط في هذا الوضع وقد لا تتعارك في حياتك أبداً ولكن كونك لديك أولاد الناس يحترمونك لا طبعاً فكل الناس عندهم أولاد وليس أنت فقط لكن كم واحد عنده مال؟ بالألف واحد مليونير فالمال ليس معنى ذلك أن يكون لديك راتب صغير لا فأهل الرواتب مساكين. فالمال قوة. صناعة هذا الكون بالمال تقدّم الحضارات بالمال إذاً المال أولاً من حيث الحب والأهمية والقوة لكن أنت ما تشتهيه يعني تأخذه وتقبله؟! لا .