عرض وقفة أسرار بلاغية

  • ﴿وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا ﴿١٩﴾    [الكهف   آية:١٩]
لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ (19)) كيف ملئت منهم رعباً ثم هم رأوا بعضهم فلِمَ لم يخافوا؟(د.فاضل السامرائي) هم في حالة حسنة لم يتغيروا لم يتغير حالهم، لذلك لم يخف بعضهم من بعض لكن حالتهم كما هي لم يتغير فيهم شيء. * (فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ (19)) ما معنى ورِقكم؟(د.فاضل السامرائي) الورِق هي الفضة سواء كانت مالاً أو غير مال، مضروبة أو غير مضروبة. دراهم مضروبة العملة، مضروبة يعني مسكوكة، ضربت العملة. هنا دراهم مضروبة أي مسكوكة، أما الوَرِق هي الفضة في كل الأحوال سواء كانت على هيئة نقود أو لم تكن. * هذا في اللغة عموماً الوَرِق هي الفضة وليس العملة المالية يمكن أن تكون من الورق؟ هذه وَرَق وليست وَرِق. * (إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُواعَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا (20)) ما الحكمة من تكرار (إن)؟(د.فاضل السامرائى) هذا ليس تكراراً لأن إنّ شرطية تدخل على الأفعال وأنْ تدخل على الأسماء. * (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ (17) الكهف) لماذا استخدم تزاور عند الشروق وتقرضهم عند الغروب؟(د.فاضل السامرائى) لأن هذا هو الواقع، تقرضهم يعني تتركهم جانباً وتزاور بمعنى تتنحى عنهم لا تدخل إليهم حاصل الجملتين أن الشمس لا تصيبهم لا في الشروق ولا في الغروب. تزاور يعني تبتعد وتتنحى من ازورّ، الشمس لا تدخل إليهم ولا يصيبهم نور الشمس والمفهوم من الآية أن باب الكهف إلى الشمال تطلع الشمس فتبتعد وعندما تغرب تتركهم والمفهوم أن الشمس لا تأتي عليهم. *لماذا وردت كلمة المهتد بدون ياء في سورة الكهف؟(د.فاضل السامرائى) قال تعالى (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً ) أولاً نقول أن خط المصحف لا يُقاس عليه لكن مع هذا فهناك أمور أُخرى هنا فلو لاحظنا لفظ الهداية في سورة الكهف تكرر 6 مرات وفى سورة الأعراف(مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ {178}) تكرر 17 مرة فلما زاد ذكر كلمة الهداية زاد في مبنى الكلمة للدلالة على زيادة السمة التعبيرية والتكرار. *ما دلالة استعمال صيغة الفعل المضارع فى قوله تعالى (وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ (18) الكهف)؟ (د.فاضل السامرائى) (وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ (18) الكهف) ما قال قلبناهم، أهل الكهف كانوا فى الماضي. هذا أشرنا إليه أكثر من مرة ما يسميه النحاة حكاية الحال بمعنى أنه يعبّر عن الحدث الماضى بفعل مضارع استحضاراً لصورة الحدث يعني يجعل الصورة كأنها أمامك، عندما يعبر عنه بالمضارع، المضارع هو حالة والحدث الماضي عندما يعبر عنه بالفعل المضارع ينقله أمامك كأنك تراه أو تشاهده أو كما يقولون ينقل المخاطب إلى الماضي فيجعله كأنه مشاهد لهذا الحدث. في كلتا الحالتين سيكون هذا الحدث كأنه معاصِر للمخاطب.المضارع قد يأتي بمعنى الماضي والماضي يأتي بمعنى المستقبل وهذا اسمه حكاية الحال. *(لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18) الكهف) ما دلالة تقديم الفرار على الرعب؟ مع أن المنطق يكون الرعب أولاً ثم الفرار؟ (د.فاضل السامرائى) الواو كما هو معلوم لا تفيد ترتيب ولا تعقيب وإنما الواو لمطلق الجمع فقط. عندما نقول دخل محمد وأحمد لا يعني أن محمد دخل أولاً، ليس بالضرورة. الكفار يقولون (وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29) الأنعام) لو أخذت على الترتيب معناها أنهم يؤمنون بالعبث لكنهم يقولون (وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) الترتيب أنهم يحييون ويموتون. إذن الواو لا تفيد ترتيب ولا تعقيب، تحتمل هذا وذاك، أقبل محمد وخالد، محمد قبل أو خالد قبل أو الاثنين جاءا معاً تحتمل، إذن هنا ليس معنى ذلك أن الرعب جاء بعد الفرار ولم يقل (ثم) ليس هنالك ترتيب ولو قال ثم تفيد الترتيب والتراخي والفاء تفيد الترتيب والتعقيب والواو لمطلق الجمع. إذن أصل المسألة لعل السائل يظن أن المفروض الرعب أولاً ثم الفرار. الواو فقط لمطلق الجمع. يبقى لماذا جاء بهذا الترتيب؟ الواو لا تفيد الترتيب إذن ليس معنى الآية أن التولية قبل الرعب. ربنا تعالى يقدم مرة الأرض على السماء ومرة السماء على الأرض ومرة يقدم النفع على الضر ومرة الضر على النفع. التقديم يكون حسب الأهمية وهنا يدخل هذا في باب التقديم والتأخير بحسب الأهمية. هم لماذا ذهبوا إلى الكهف؟ حتى لا يطلع عليهم الناس (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ (13) الكهف) خرجوا من القوم ليسلموا من الفتن، إذن المهم أن لا يطلع عليهم أحد ولا يعرفهم أحد، خرجوا فارين بدينهم من أذى قومهم فذهبوا إلى الكهف ودخلوا فيه من باب أنه آمن لهم. إذن المهم هو أن لا يطلع عليهم أحد، حتى لا يشي بهم حتى لا يؤتى بهم فيفتنون. ماذا يعنيهم الرعب؟ المهم ألا يتفرس فيهم أحد فيعرفهم هذا المهم أن يولي منهم فراراً أراد ربنا أن يحميهم فيوقع الهيبة فيهم فيفر منهم حتى لا يتفرس بهم فلا يعرفهم حتى يحميهم. إذن المهم ألا يتفرس فيهم أحد ولا يتصفح وجوههم لأن هذا هو المهم فقدم المهم (لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا) لا يمكث أمامهم طويلاً فلا يتفرس في وجوههم فيعرفهم. ثم الآن لو دخل واحد في غار ورأى أناساً مفتحة عيونهم وساكتين (كانوا مفتحة أعينهم طوال هذه المدة قالوا حتى لا تتلف وتبلى عيونهم لأنها لو كانت مغمضة طوال هذه المدة لكانت ذهبت عيونهم (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ (18)) مفتحة عيونهم) هذا يصيب الإنسان بالرعب، تخيل لو أن لصوصاً دخلوا ورأواهم هكذا لامتلأوا بالرعب كما لو دخلوا مغارة فوجدوا فيها وحشاً أو حية لا يتفرسون فيها وإنما يهربون حتى أنهم لو تذكروا المشهد فيمتلئون بالرعب. هكذا يحصل يهرب ثم يتملى الأمر فيراه عظيماً فيمتلئ بالرعب فيشتد في الهرب، يكون هربه من تلقاء نفسه لأول مرة يرى فيها المنظر ثم يتخيل المنظر فيمتلئ رعباً ويهرب. والرعب أحياناً يوقف الإنسان يتملكه ولا يستطيع أن يهرب يتسمر مكانه، الذئب أحياناً إذا أتى إلى الفريسة تتسمر في مكانها ولا تستطيع الهرب. وقرأنا في التاريخ عندما احتل التتار بغداد كانوا يقولون للرجل إمكث مكانك حتى آتي بالسيف فأقتلك فيبقى مسمراً في مكانه من الرعب. قسم من الرعب يثبت وقسم يهرب. في أهل الكهف هناك حكمة في الهرب ألا يتفرس بهم ولا يشي بهم أحد. الكلب مثلهم والوصيد يعني الباب. قسم قالوا لم تبلى أجسامهم ولم تطل شعورهم وإنما استيقظوا كما ناموا وبقوا على حالهم. * (وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85) الحجر) (إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا (59) غافر) (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا (7)