عرض وقفة أسرار بلاغية
- ﴿مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿٢٦١﴾ ﴾ [البقرة آية:٢٦١]
- ﴿وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ ﴿٤٣﴾ ﴾ [يوسف آية:٤٣]
س/ لماذا قال الله (سبع سنابل) في سورة البقرة وقال (سبع سنبلات) في يوسف وهي كلها سبع؟
هل ذُكرت سنبلات كما وردت على لسان الملك أو قيل سنابل في البقرة دليل على أن الإنفاق كثرة للمال؟
ج/ جمع الأسماء يكون على قسمين:
أحدهما: جمع تصحيح، وهو ما جمع بواو ونون، نحو (مسلمون)، أو ألف وتاء، نحو (مسلمات).
ثانيهما: جمع تكسير، وهو كل جمع تغيرت فيه صورة مفرده، نحو (جبل) يجمع على (جبال)، و(رجل) يجمع على (رجال) ونحو ذلك.
وجمع التكسير يكون جمع قلة لما دل على دون العشرة من العدد. ويكون جمع كثرة، لما دل على فوق العشرة من ذلك.
ويلحق بجمع التكسير للكثرة جمع الجمع (منتهى الجموع)، وهو كل جمع بعد ألف تكسيره حرفان أو ثلاثة أحرف أوسطها ساكن، كمدارس، ومفاتيح.
وفي القرآن الكريم جاء لفظ {سنابل}، في موضعين:
أحدهما: قوله تعالى: {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء} (البقرة:261)،
فلفظ {سنابل}، جمع جمع منتهى الجموع، الذي يفيد الكثرة، وحقه أن يجمع جمع قلة؛ لأن ما دون العشرة يجمع جمع قلة، لا جمع كثرة.
وقد قيل في سر مجيئه {سبع سنابل} لأن ما جاء في آية البقرة مبني على ما أعد الله للمنفق في سبيله، وما يضاعف له من الأجر، جراء إنفاقه، وأن ذلك ينتهي إلى سبعمائة ضعف، وقوله تعالى في الآية نفسها: {والله يضاعف لمن يشاء}، قد يفهم الزيادة على ما نص عليه من العدد، فبناء هذه الآية على التكثير، فناسب ذلك ورود لفظ (السنابل) على ما هو من أبنية صيغ منتهى الجموع؛ لحظا للغاية المقصودة، ولو وضع صيغة جموع القلة، لم تلحظ فيه الغاية من التكثير.
وقيل أيضا: إن {سنبلة} فيها مئة حبة، مع ست مثيلات لها، لتبدو للناظر كثيرة، فناسب معه التعبير عنها بجمع الكثرة، وهو {سنابل}
ثانيهما: قوله تعالى: {وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر} (يوسف:43)، فلفظ {سنبلات} جمع جمع المؤنث السالم بالألف والتاء، وحقه أيضا أن يجمع جمع قلة، لا جمع تصحيح.
وقيل في توجيهه: إن قوله سبحانه: {سبع سنبلات}، لما سبق بجمع صحيح، وهو قوله تعالى: {سبع بقرات}، جاز جمعه جمعا صحيحا؛ لأجل المجاورة والمشاكلة، وهو مسلك متجه في كلام العرب.
وقيل بغير هذا الوجه.