عرض وقفة أسرار بلاغية
- ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿٧﴾ ﴾ [البقرة آية:٧]
س/ ما فائدة تكرار حرف الجر (على) في قوله: (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم) مع إنه هنا الواو عاطفة تفيد مطلق الجمع؛ أي إن كان بمقدورنا أن نقول في غير القرآن (ختم الله على قلوبهم وسمعهم)، ولو تلاحظ أنه كرر (على) بعد ذلك في قوله (وعلى أبصارهم..) لأن هنا الواو استئنافية وليست عاطفة؟
ج/ الذين يتحدثون في "معاني النحو" يذكرون قاعدة مختصرها: إعادة الجار تقتضي ملاحظة معنى الفعل المُعدّى به، فيصبح وكأنه يُذكر مرتين متغايرتين.
وفي المثال الذي تفضلت بذكره تطبيق عملي للقاعدة: فإن معنى ختم الله على قلوبهم قد انقطع بنهاية الجملة، ثم استأنف جملة أخرى تناولت السمع والبصر؛ لذا كرّر حرف الجر (على) لكي يشعر القارئ بتغاير الختم فيها شكلاً ومضمونا، فالمنطق يقول بأن شكل وأثر الختم على القلب غير شكل وأثر الختم على كل من السمع والبصر.
ألا تلتمس فرقاً في قولك: "مررت بخالدٍ وأحمد" مع قولك: "مررت بخالد وبأحمد"؟
ما أظنك إلا توافقني بأن الجملة الأول تقتضي مروراً واحداً بكليهما في وقت واحد ووسيلة مواصلات واحدة، بينما الثانية قد تقتضي المرور في وقتين/ هيأتين منفصلتين لكل واحد منهما (الشكل والمضمون مختلف).
* ملاحظة: في مباحث الوقف والابتداء يفرقون في حكم الوقف على لفظ: "قلوبهم" على حسب اختلاف القراءات فتنبه لهذا.