عرض وقفة أسرار بلاغية
- ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ ﴿٢١﴾ ﴾ [لقمان آية:٢١]
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21)}
أراد أن يبين ضلالهم وجهلهم وقلة فهمهم وإدراكهم فلم يقل: (وإذا قيل لهم اتبعوا سبيلنا) أو ما عندنا أو كتابنا لئلا تأخذهم العزة بالإثم، بل قال: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} الله الذي خلقهم وسخر لهم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليهم نعمه.
وقال: (إذا قيل لهم) ولم يذكر فاعلًا معينًا لأنه لا يتعلق غرض بذكره، ولئلا يظن أن رفضهم بسبب هذا القائل، ولو كان القائل غيره لم يكن جوابهم كذلك، بل يكون هذا جوابهم أيا كان القائل.
{قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا} فجعلوا آباءهم بإزاء الله سبحانه.
إنهم لم يقولوا: (لو نعلم أن هذا أنزله الله لاتبعناه)، ولو قالوا ذلك لكان معهم حديث آخر ولعذرهم السامع حتى يقيم عليهم الحجة، ولكنهم آثروا اتباع آبائهم على ما أنزل الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.
ثم قال تعالى: {أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ}
وهذا السؤال تعجيب من حالهم، ذلك أن كل معتنق فكرة أو دعوة أو عقيدة يبتغي بذلك عاقبة حسنة ومآلًا سعيدًا. وقد ذكر أمرين كل واحد منهما ينبغي الفرار منه.
فقد ذكر أن الشيطان هو الذي يدعوهم إلى ذلك، وأن عاقبة من اتبعه عذاب السعير، فكيف يتبعونه ولا يتبعون ما أنزل الله؟.
وهذا إهابة بكل عاقل لأن ينجو بجلده مما هو عليه ويفر منه إلى الله ويسلم وجهه إليه سبحانه.
** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الثاني من ص 457 إلى ص 457.