عرض وقفة أسرار بلاغية

  • ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿٤٨﴾    [يس   آية:٤٨]
{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (48)} أي متي يوم القيامة الذي توعدوننا به وتحذروننا منه إن كنتم صادقين في قولكم؟ والوعد المذكور هنا هو ما أشارت إليه الآية: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ}. جاء في (التفسير الكبير): "ليس في هذا الموضع وعد، فالإشارة بقوله: (هذا الوعد) إلى أي وعد؟. نقول: هو ما في قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ} من قيام الساعة، أو نقول: هو معلوم وإن لم يكن مذكورًا لكون الأنبياء مقيمين على تذكيرهم بالساعة والحساب والثواب والعقاب" (1). وجاء في (البحر المحيط): "أي متي يوم القيامة الذي أنتم توعدوننا به؟ أو متى هذا العذاب الذي تهددوننا به؟ وهو على سبيل الاستهزاء، فهم لما أمروا بالتقوى ولا يتقي إلا مما يخاف منه، وهم غير مؤمنين، سألوا: متى يقع هذا الذي تخوفونا به استهزاء" (2). وقال: (ويقولون) بالمضارع ولم يقل: (وقالوا) للدلالة على استمرارهم على هذا القول ولم يقولوا ذلك مرة واحدة. ولم يقل (ويقول الذين كفروا للذين آمنوا متى هذا الوعد...) كما قال في الآية السابقة: {قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ}، ذلك لأنه معلوم أنه لا يقول هذا القول إلا كافر وهو موجه إلى الذين آمنوا؛ لأن المؤمنين يؤمنون باليوم الآخر ولا يؤمن به الذين كفروا. (1) التفسير الكبير 26/86. (2) البحر المحيط 7/340. ** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الثاني من ص 232 إلى ص 233.