عرض وقفة أسرار بلاغية
{إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (106)}
أي إن في هذا الذي ذكرناه كفاية لقوم اتصفوا بالعبادة على جهة الثبوت، فإن هذا كاف لهم.
وقيل: إن المقصود هو ما ورد في القرآن على العموم وليس ما في هذه السورة فقط.
والبلاغ قد يأتي بمعنى الكفاية، وقد يأتي بمعنى التبليغ (1)، وذلك كقوله تعالى: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [النور: ٥٤]، وقوله: {وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [يس: 17].
وربما احتمل البلاغ في الآية المعنيين: الكفاية والتبليغ.
وقد أكد ذلك بـ (إن) وجاء بـ (في) الظرفية للدلالة على أن العابدين يكفيهم في الاعتبار ما لا يكفي غيرهم.
جاء في (البحر المحيط): "(إن في هذا) أي المذكور في هذه السورة من الأخبار والوعد والوعيد والمواعظ البالغة لبلاغًا كفاية يبلغ بها إلى الخير، وقيل: الإشارة إلى القرآن جملة" (2).
وجاء في (تفسير أبي السعود): "(لقوم عابدين): أي لقوم همهم العبادة دون العادة" (3).
** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الرابع من ص 249 إلى ص 250.
(1) انظر (لسان العرب): بلغ.
(2) البحر المحيط 6/344.
(3) تفسير أبي السعود 3/731.