عرض وقفة أسرار بلاغية
- ﴿بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ ﴿٤٠﴾ ﴾ [الأنبياء آية:٤٠]
{بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (40)}
أي: بل تأتيهم النار أو الساعة فجأة فتحيرهم وتغلبهم فلا يستطيعون ردها. لقد قال: {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا} ولم يقل: (فلا يردونها) لئلا يفهم أنهم قد يكون باستطاعتهم ذلك ولكنهم لا يفعلون، وإنما قال: {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا} فنفى الاستطاعة.
{وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ} أي لا يهملون فيستريحوا.
وجاء بالحال مصدرًا فقال: (بغتة) أي مباغتة لهم للمبالغة.
وجاء بالفاء فقال: (فتبهتهم) للدلالة على السبب والتعقيب من دون مهلة، ولم يقل: (وتبهتهم).
ثم قال: {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا} فجاء بالفاء الدالة على السبب والتعقيب.
وقال: {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا} ولم يقل: (فلا يردونها) لما ذكرت.
وقال: {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا} ولم يقل: (فلا يستطيعون أن يردوها) أي في المستقبل؛ لأن (أن) تصرف المضارع إلى الاستقبال، وإنما جاء بالاسم للدلالة على أنهم لا يستطيعون ردها على كل حال وفي جميع الأزمنة.
ثم قال: {وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ} فلا يمهلون، وهو مناسب للمجيء بالفاء الدالة على التعقيب من دون مهلة.
جاء في (الكشاف): "يقال للمغلوب في المحاجة: مبهوت، ومنه {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} [البقرة: 258] (1).
وجاء في (البحر المحيط): "{بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً} أي تفاجؤوهم....
والظاهر أن الضمير في (تأتيهم) عائد على النار، وقيل: على الساعة التي تصيرهم إلى العذاب، وقيل: على العقوبة" (2).
وجاء في (تفسير أبي السعود): "(فتبهتهم) أي تغلبهم أو تحيرهم....
{وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ} أي يمهلون ليستريحوا طرفة عين، وفيه تذكير لإمهالهم في الدنيا" (3).
** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الرابع من ص 101 إلى ص 102.
(1) الكشاف 2/329.
(2) البحر المحيط 6/314.
(3) تفسير أبي السعود 3/703.