عرض وقفة أسرار بلاغية

  • ﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَّحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ ﴿٣٢﴾    [الأنبياء   آية:٣٢]
{وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ} ذكر في آية سابقة أن السماوات والأرض كانتا رتقًا ففتقهما. ثم بدأ بما يتعلق بالأرض وأهلها، فذكر أنه جعل من الماء كل شيء حي. ثم ذكر أنه جعل في الأرض رواسي لئلا تميد بأهلها وجعل فيها فجاجًا سبلاً لعلهم يهتدون. ثم انتقل في هذه الآية إلى ذكر السماء فقال: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا} أي محفوظًا من الوقوع على الأرض، كما قال تعالى: {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحج: 65]. ومحفوظًا من الشياطين كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ} [الحجر: 16 – 18]. وجعل فيها ما يحفظها كما ذكر سبحانه: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ} [الصافات: 6 – 7]. فهي سقف محفوظ بأمر الله سبحانه من كل ما يمنع من الحفظ. وهم عن آياتها وما أودع الله فيها من دلائل من شمس وقمر ونجوم وأحوال معرضون لا يتدبرون فيها. جاء في (الكشاف): "(محفوظًا) حفظه بالإمساك بقدرته من أن يقع على الأرض ويتزلزل، أو بالشهب عن تسمع الشياطين على سكانه من الملائكة. (عن آياتها) أي عما وضع الله فيها من الأدلة والعبر بالشمس والقمر وسائر النيرات ومسايرها وطلوعها وغروبها" (1). وجاء في (التفسير الكبير) للفخر الرازي: "قوله تعالى: {وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ} عما وضع الله تعالى فيها من الأدلة والعبر في حركاتها وكيفية حركاتها وجهات حركاتها ومطالعها ومغاربها واتصالات بعضها ببعض وانفصالاتها على الحساب القويم والترتيب العجيب الدال على الحكمة البالغة والقدرة الباهرة" (2). ** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الرابع من ص 81 إلى ص 83. (1) الكشاف 2/327 وانظر تفسير أبي السعود 3/700. (2) التفسير الكبير 22/140.