عرض وقفة أسرار بلاغية
- ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ ﴿٢٦﴾ ﴾ [الأنبياء آية:٢٦]
- ﴿لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ﴿٢٧﴾ ﴾ [الأنبياء آية:٢٧]
- ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ﴿٢٨﴾ ﴾ [الأنبياء آية:٢٨]
- ﴿وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ﴿٢٩﴾ ﴾ [الأنبياء آية:٢٩]
{وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (29)}
نزه سبحانه نفسه عن اتخاذ الولد، ذلك أن من الكفار من قال: (ولد الله) كما ذكر ذلك عنهم في سورة الصافات فقال: {أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (151) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (152)}.
ومنهم من قال: إن الملائكة بنات الله، فرد عليهم سبحانه بقوله: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22)} [النجم: ۲۱ - ۲۲].
وقال: {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا} [الإسراء: 40].
وقال في آية الأنبياء هذه: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} وقد قيل: إن هذه الآية "نزلت في خزاعة حيث قالوا: الملائكة بنات الله. نزه ذاته عن ذلك، ثم أخبر عنهم بأنهم عباد والعبودية تنافي الولادة" (1).
وقيل: إن بعض العرب من غير خزاعة قالوا ذلك أيضًا (2).
فذكر أن الملائكة هم عباد الله.
ثم وصف هؤلاء العباد بأنهم مكرمون مصطفون؛ لأن من العباد من ليس بمكرم كما ذكر سبحانه عن قسم من عباده الضالين فقال: {أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ} [الفرقان: ١٧].
ثم ذكر أن هؤلاء العباد المكرمين لا ينطقون بشيء قبله سبحانه، فهم لا يتقدمونه بقول. وإنه سبحانه إذا أمر بشيء فإنهم يعملون بأمره. وقدم الجار والمجرور فقال: {بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} للدلالة على أنهم لا يعملون بأمر غيره وإنما يعملون بأمره خاصة.
جاء في (نظم الدرر): "(وهم بأمره) أي خاصة إذا أمرهم (يعملون) لا بغيره لأنهم في غاية المراقبة له، فجمعوا في الطاعة بين القول والفعل وذلك غاية الطاعة" (3).
وجاء في (تفسير أبي السعود) في قوله تعالى: {وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ}، "بيان لتبعيتهم له تعالى في الأعمال إثر بيان تبعيتهم له في الأقوال. فإن نفي سبقهم له تعالى بالقول عبارة عن تبعيتهم له تعالى فيه. وكأنه قيل هم بأمره يقولون وبأمره يعملون لا بغير أمره أصلاً. فالقصر المستفاد من تقديم الجار والمجرور معتبر بالنسبة إلى غير أمره لا إلى أمر غيره" (4).
ولئلا يظن أنهم قد يتركون شيئا من أمره ذكر أنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم، أي ما تقدم من أفعالهم وأقوالهم وما تأخر، وما عملوا وما لم يعملوا بعد (5).
ثم ذكر أنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضاه الله، فهم لا يسبقونه بقول ولا يشفعون إلا لمن علموا أن الله يرتضي ذلك.
ثم ذكر أنهم في خوف منه ومراقبة له سبحانه لا يأمنون مكره.
وقال: (مشفقون) ولم يقل: (يشفقون) ليدل على أن ذلك وصفهم الدائم الثابت.
ومع هذا الثناء عليهم فذلك لا يمنع من أن يعذبهم إذا تجاوزوا الحد فقال: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ}. وهذا لا يخصهم وحدهم بل يشمل كل ظالم فقال: {كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ}.
وقد مر قبل هذه الآية ذكر لعقوبات الظالمين من نحو قوله: {وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً}.
وقوله: {قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (14) فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ (15)}.
جاء في (الكشاف): "(لا يسبقونه)... والمعنى أنهم يتبعون قوله ولا يقولون شيئا حتى يقوله، فلا يسبق قولهم قوله... أي لا يتقدمون قوله بقولهم... وكما أن قولهم تابع لقوله فعملهم أيضًا كذلك مبني على أمره، لا يعملون عملا ما لم يؤمروا به...
ومن تحفظهم أنهم لا يجسرون أن يشفعوا إلا لمن ارتضاه الله وأهله للشفاعة في ازدياد الثواب العظيم. ثم إنهم مع هذا كله من خشية الله (مشفقون) أي متوقعون من أمارة ضعيفة، كائنون على حذر ورقبة لا يأمنون مكر الله...
وبعد أن وصف كرامتهم عليه وقرب منزلتهم عنده وأثنى عليهم... فاجأ بالوعيد الشديد، وأنذر بعذاب جهنم من أشرك منهم إن كان ذلك على سبيل الفرض والتمثيل" (6).
وجاء في (تفسير أبي السعود): "(مشفقون) مرتعدون. وأصل الخشية الخوف مع التعظيم ولذلك خص بها العلماء. والإشفاق الخوف مع الاعتناء.
فعند تعديته بـ (من) يكون معنى الخوف فيه أظهر، وعند تعديته بـ (على) ينعكس الأمر" (7).
وجاء في (روح المعاني): {مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} وفرق بين الخشية والإشفاق بأن الأول خوف مشوب بتعظيم ومهابة ولذلك خص به
العلماء في قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (8).
وفي (التحرير والتنوير): "الإشفاق توقع المكروه والحذر منه" (9).
لقد جاء نحو هذا التعبير في عدة مواضع من القرآن الكريم، غير أنه لم يكن التعقيب واحدًا، بل ذكر في كل موضع نوعًا من التعقيب والتبيين يختلف عما ذكر في المواضع الأخرى.
وأول موضع ورد فيه نحو هذا التعبير ما جاء في سورة البقرة وهو قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115) وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (116) بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117)}.
فرد عليهم بأن له ما في السماوات والأرض وأنهم كلهم خاضعون له، وأنه أبدع السماوات والأرض وأوجدهما وأنه على كل شيء قدير، فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون، فلا يحتاج إلى الولد، فهو الغني المستغني المقتدر فلماذا يتخذ ولدا؟
فرد عليهم بغناه وقدرته، غير أنه لم يذكر فظاعة هذه الكلمة ولا ماذا ستكون عاقبة الذين يقولون بهذا القول.
ثم ورد نحو هذا التعبير في سورة يونس فقال: {أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (66)... قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (68) قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (69) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70)}
فذكر قبل الآية أن له من في السماوات ومن في الأرض فلماذا يتخذ الولد؟
ثم ذكر أنه الغني، ولم يقل: (إنه غني) بل ذكر أنه الغني ولا غني غيره، فإن له ما في السماوات وما في الأرض، فكرر (ما).
ففي آية البقرة لما لم يذكر أنه الغني لم يكرر (ما)، وإنما قال: {بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}.
ولما قال في آية يونس: {هُوَ الْغَنِيُّ} كرر (ما) فقال: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} للتوكيد والتوسع في ذكر الغنى.
ثم رد على القائلين بهذا القول بأنهم ليس عندهم سلطان بهذا وأنهم يقولون على الله ما لا يعلمون.
وألمح إلى أن هذا من الافتراء على الله، وأنه سيعاقب الكافرين، وهذه إشارة إلى أن القول بهذا إنما هو كفر.
ولم يرد مثل ذلك في البقرة. وهي مرحلة بعد الذكر الأول.
ثم ذكر القائلين بهذا في سورة الكهف وأنه ينذرهم فليحذروا فقال: {وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآَبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5)}.
فإنه بعد أن ذكر القائلين في موضعين ناسب أن ينذرهم بعد ذلك فقال: {وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا}
فتدرج في القول فلم يذكر في يونس أنه سيعذب القائلين بهذا بصورة مباشرة، وإنما قال: {إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ}.
فذكر عموم الافتراء على الله، وليس ذلك خاصًا بهذا القول.
وأما في آية الكهف فإنه أنذر الذين يقولون هذا القول بصورة مباشرة، وأنه نفى العلم عنهم وعن آبائهم، ثم عظم هذه المقالة وأنها كبيرة فقال: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ}.
وصرح بأن هؤلاء لم يقولوا إلا الكذب.
ولم يذكر غناه فاكتفى بما مر من ذلك، وإنما ذكر أمرًا آخر وهو الإنذار المباشر وعظم هذه المقالة وكذبها.
ثم قال في سورة مريم: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95)}.
فإنه قبل هذا الموطن ذكر كذب هذا القول وأن هذه الكلمة كبيرة، أما ههنا فقد فصل في هذا القول وذكر أنه عظيم ثقيل تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق رض وتخر الجبال هدًّا.
ولم يذكر نحو هذا فيما سبق، وإنما ألمح إلى أنه كذب، ثم صرح بأنه كذب، وذكر قبل هذه السورة أن هذه الكلمة كبرت تخرج من أفواههم.
أما ههنا فأنت تلاحظ أنه عظم هذه المقالة في السماوات والأرض والجبال وفظعها، وأن كل من في السماوات والأرض إن هم إلا عبيد له.
ومن الملاحظ في هذه الآية أنه ذكر اسمه (الرحمن) ولم يذكر لفظ الجلالة (الله) كما في الآيات السابقة. ولعل ذلك لأنه لم يذكر تهديدًا لمن قال هذا القول.
ثم إن سورة مريم تردد فيها اسم الرحمن كثيرًا، وهي أكثر سورة تردد فيها هذا الاسم الجليل. فناسب ذلك من جهة أخرى.
ثم ذكر في سورة الأنبياء نحو ذلك فقال: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (29)}
فذكر صفة هؤلاء الذين قالوا فيهم إنهم اتخذهم الرحمن ولدًّا فذكر أنهم عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون كما ذكرنا.
ولم يعد ما ذكره في المواطن السابقة، بل ذكر شيئا آخر وهو صفة الملائكة هؤلاء. وهو أمر لم يذكره في المواطن الأخرى.
وقد ذكر ههنا اسمه (الرحمن) كما في آية مريم، ولعل سبب ذلك أنه لم يذكر تهديدًا لمن قال هذا القول، وهو المناسب لاسمه الرحمن.
ومن الملاحظ في هذه الآيات أنه إذا ذكر اسمه (الله) فهو إما يذكر غناه أو يذكر إنذارًا لمن قال هذا القول أو يذكرهما معًا.
ففي سياق آية البقرة قال: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115)}.
وقال: {بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ}وأنه بديع السماوات والأرض.
ثم إنه لم يرد في سورة البقرة اسمه (الرحمن) إلا في موضع واحد وهو قوله: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163)}.
بخلاف اسم (الله) الذي تردد فيها كثيرًا كثيرًا.
وفي آية يونس ذكر عناه وأشار إلى التهديد والإنذار فقال: {هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}.
ثم ذكر عاقبة هؤلاء الكفرة فقال: {إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ}.
وأنذر في آية الكهف من قال بهذا القول فقال: {وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا}.
ولم يذكر تهديدًا أو غنى مع اسمه (الرحمن) في آيتي مريم والأنبياء. فلم يكرر ما ورد من هذا الأمر وإنما ذكر في كل موطن أمرًا يتناسب مع المقام والسياق والتدرج في شأن المقالة والقائلين.
** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الرابع من ص 68 إلى ص 76.
(1) الكشاف 2/326 وانظر البحر المحيط 6/307.
(2) انظر روح المعاني 17/32.
(3) نظم الدرر 12/408 – 409.
(4) تفسير أبي السعود 3/697
(5) انظر البجر المحيط 6/307.
(6) الكشاف 2/326.
(7) تفسير أبي السعود 3/697.
(8) روح المعاني 17/33.
(9) التحرير والتنوير 17/52.