عرض وقفة أسرار بلاغية

  • ﴿قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴿١٤﴾    [الأنبياء   آية:١٤]
  • ﴿فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ ﴿١٥﴾    [الأنبياء   آية:١٥]
{ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (14) فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ (15)} أي نادوا بالويل وهو الهلاك. وذكروا علة الهلاك وهي الظلم. وأطلقوا الظلم ولم يخصصوه بشيء للدلالة على عموم الظلم وأن ظلمهم كان عامًا لا ينحصر بشيء. وجاء بالاسم للدلالة على اتصافهم بالظلم على جهة الثبات والدوام وليس على جهة الحدوث، فاستحقوا ما نزل بهم من العذاب. {فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ} أي ظلوا يرددون هذا القول ويدعون بالويل حتى جعلهم ربنا كالزرع المحصود، خامدين كالنار الهامدة. وقال: {حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ} ولم يقل: (حتى صاروا) أو (حتى أصبحوا) أي إن ذلك من فعل ربنا بهم عقوبة لهم. جاء في (الكشاف): "(تلك) إشارة إلى (يا ويلنا) لأنها دعوى. كأنه قيل: فما زالت تلك الدعوى دعواهم. والدعوى بمعنى الدعوة، قال تعالى: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ} [يونس: 10] {وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. فإن قلت: لم سميت (دعوى)؟ قلت: لأن المولول كأنه يدعو الويل فيقول: تعال يا ويل فهذا وقتك... (حصيدًا) الحصيد: الزرع المحصود، أي جعلناهم مثل الحصيد، شبههم به في استئصالهم واصطلامهم" (1). و"(خامدين) أي موتى دون أرواح مشبهين بالنار إذا طفئت" (2). وقوله: {فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ} "أي فما زالوا يرددون تلك" (3). ** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الرابع من ص 42 إلى ص 43. (1) الكشاف 2/322. (2) البحر المحيط 6/301. (3) تفسير أبي السعود 3/690.