عرض وقفة أسرار بلاغية
- ﴿ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ ﴿٩﴾ ﴾ [الأنبياء آية:٩]
{ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (9)}
هذه إشارة إلى أنه سبحانه سيصدق رسوله ما وعده من النصر والظفر وإهلاك أعدائه كما فعل مع الرسل قبله.
جاء في (البحر المحيط): "ذكر تعالى سيرته مع أنبيائه فكذلك يصدق نبيه محمدا وأصحابه ما وعدهم به من النصر وظهور الكلمة، فهذه عدة للمؤمنين ووعيد للكافرين (1).
وجاء بأداة التراخي (ثم) إشارة "إلى أنهم طال بلاؤهم بهم وصبرهم عليهم، ثم أحل بهم سطوته وأراهم عظمته. ولذا قال مسببًا عن د ذلك: (فأنجيناهم) أي الرسول بعظمتنا" (2).
والإتيان بصيغة المستقبل في قوله تعالى: {وَمَنْ نَشَاءُ} احتباك، والتقدير: فأنجيناهم ومن شئنا وننجي رسولنا نشاء منكم. وهو تأميل لهم أن يؤمنوا لأن من المكذبين يوم نزول هذه الآية من آمنوا فيما بعد إلى يوم فتح مكة.
ومن وهذا من لطف الله بعباده في ترغيبهم في الإيمان. ولذلك لم يقل: (ونهلك المسرفين) بل عاد إلى صيغة المضي الذي هو حكاية لما حل بالأمم السالفة...
والمسرفون: المفرطون في التكذيب بالإصرار والاستمرار عليه حتى حل بهم العذاب (3).
** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الرابع من ص 34 إلى ص 35.
(1) البحر المحيط 6/299.
(2) نظم الدرر 12/392.
(3) التحرير والتنوير 17/21.