عرض وقفة أسرار بلاغية
- ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴿١١٤﴾ ﴾ [هود آية:١١٤]
{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114]
إقامة الصلاة: أداؤها على تمامها والمداومة عليها.
والمراد بطرفي النهار على ما قيل: الصبح والعصر، وقيل: الصبح والمغرب (1).
والزلف: صلاة المغرب والعشاء (2)، وقيل: هي صلاة العشاء، ذلك أن معنى الزلف: الساعات القريبة من آخر النهار، من أزلفه إذا قربه (3).
وقيل: معنى (زلفًا) قربًا، والمعنى "وأقم زلفًا من الليل على معنى وأقم صلاة تتقرب بها إلى الله عز وجل في بعض الليل" (4). وهي صلاة التهجد. وقيل المراد بها صلاة العشاء والتهجد، وقد كان التهجد واجبًا عليه (5).
وهذا المعنى يناسب الأمر بصورة الإفراد في قوله: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ...} لأن التهجد كان واجبًا عليه وليس واجبًا على المسلمين. ولو قال: (وأقيموا) لكان التهجد واجبًا عليهم.
وقيل: إن هذا "من البلاغة القرآنية أن الأوامر بأفعال الخير أفردت للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وإن كانت عامة في المعنى.
والمناهي جمعت للأمة، وما أعظم شأن الرسول عليه الصلاة والسلام عند ربه جل وعلا" (6).
يعني بالأوامر قوله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ...} {وَاصْبِرْ}.
والمناهي قوله: {وَلَا تَطْغَوْا} {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}.
** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الثالث من ص 358 إلى ص 359.
(1) روح المعاني 12/156.
(2) الكشاف 2/118.
(3) انظر الكشاف 2/118 وانظر روح المعاني 12/156.
(4) الكشاف 2/118، وانظر روح المعاني 12/156.
(5) انظر روح المعاني 12/156.
(6) روح المعاني 12/160.
{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}
قال: (يذهبن) ولم يقل: (تذهب) ليبين أن الحسنات وإن كانت قليلة يذهبن السيئات، ولو قال: (تذهب) لدل على أن الحسنات إذا كانت كثيرة تذهب السيئات.
فإن النون في نحو هذا تفيد القلة، والإفراد يفيد الكثرة كما هو معلوم.
وقوله: {ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} يدل أن ذلك يشمل عموم من اتعظ وعمل بهذا وليس مخصوصًا بالرسول .
فكل من تقرب إلى الله وعمل بهذا شمله قوله: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}
** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الثالث من ص 359 إلى ص 360.