عرض وقفة أسرار بلاغية
- ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ ﴿١١٣﴾ ﴾ [هود آية:١١٣]
{وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} [هود: 113]
الركون هو الميل اليسير (1)، أي لا تميلوا إلى الذين ظلموا أدنى ميل (2). وقال: {إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} ولم يقل: (إلى الظالمين) أي لا تميلوا إلى من وقع منهم ظلم وإن لم يكن الظلم وصفًا ثابتًا فيهم.
وهذا نهي عظيم عن مداهنة الظالمين، فقد نهى عن الميل اليسير إلى من وجد منهم ظلم فكيف بمن اتصف به على جهة الثبوت، فكيف بتعظيمهم واتخاذهم أصحابًا وخلطاء، وكيف باتخاذهم أولياء ؟!
جاء في (روح المعاني): "(الذين ظلموا) بمن وجد منه ما يسمى ظلمًا مطلقًا. قيل: ولإرادة ذلك لم يقل: إلى الظالمين" (3).
{وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ}
فلا تظنوا أن الظالمين سيكونون أولياء لكم، فإنهم ليسوا كذلك وما لكم من ولي من دون الله.
وأنتم لا تنصرون ما دمتم تركنون إلى الذين ظلموا.
وقال: {مِنْ أَوْلِيَاءَ} ولم يقل: (من ولي) لأنه ذكر الذين ظلموا وهم جمع فناسب أن يذكر الأولياء.
وجاء بـ (من) الاستغراقية ليدل على أنهم ليس لهم ولي من دون الله على سبيل الاستغراق.
** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الثالث من ص 357 إلى ص 358.
(1) الكشاف 2/118.
(2) روح المعاني 12/154.
(3) روح المعاني 12/154، وانظر البحر المحيط 5/269.