عرض وقفة أسرار بلاغية
- ﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴿٨٨﴾ ﴾ [هود آية:٨٨]
{قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88]
قوله: {يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي} مرَّ بيان ذلك في قصة نوح.
{وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا}.
أي رزقًا واسعًا حلالًا ولا أبخس حقًا.
ولست فقيرًا حتى تقولوا إنه يبتغي المال والسعة في المكيال والميزان.
وقيل: هو ما رزقه من النبوة والحكمة (1).
ولا مانع أن يكون ذلك جميعًا في النبوة واليسر في المال.
** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الثالث من ص 322 إلى ص 322.
(1) انظر الكشاف 2/111.
{وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ}
"يقال: (خالفني فلان إلى كذا) إذا قصده وأنت مول عنه، (وخالفني عنه) إذا ولى عنه وأنت قاصده ويلقاك الرجل صادرًا عن الماء فتسأله عن صاحبه فيقول: (خالفني إلى الماء) يريد أنه قد ذهب إليه واردًا وأنا ذاهب عنه صادرًا. ومنه قوله تعالى: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} يعني أن أسبقكم إلى شهواتكم التي نهيتكم عنها لأستبد بها دونكم" (1).
** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الثالث من ص 323 إلى ص 323.
(1) الكشاف 2/111، وانظر البحر المحيط 5/254.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ}
أي مدة استطاعتي ذلك فلا أقصر في ذلك ما دمت متمكنًا.
ونفى وأثبت بـ (أن) و(إلا) للدلالة على قصر إرادة شيء معه، وإنما قال: فإنه لم يقل: (وأنا أريد الإصلاح) فلا ينفي ذلك إرادة شيء معه، وإنما قال: { إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ } فقصر إرادته على ذلك وليس ثمة شيء أخر.
ونفى بـ (إن) ولم ينف بـ (ما)؛ لأن (إن) أقوى من (ما) في النفي وأكد (2).
{عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}
قدم الجار و المجرور في الموضعين للدلالة على الحصر، فإنه لا يتوكل إلا عليه حصرًا، ولا ينيب إلا إليه حصرًا. فلا يتوكل على غيره ولا ينيب إلى أحد سواه.
** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الثالث من ص 323 إلى ص 323.