عرض وقفة أسرار بلاغية
- ﴿قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ﴿٦٢﴾ ﴾ [هود آية:٦٢]
{قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} [هود: 62]
{قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا}
أي "كانت تلوح فيك مخايل الخير وأمارات الرشد، فكنا نرجوك لننتفع بك وتكون مشاورًا في الأمور ومسترشدًا في التدابير، فلما نطقت بهذا القول انقطع رجاؤنا عنك وعلمنا أن لا خير فيك.
وعن ابن عباس:
فاضلاً خيرًا نقدمك على جميعنا" (1).
وقدم الجار والمجرور (فينا) على (مرجوًّا) لأن الكلام يتعلق بهم فقدم ضميرهم في (فينا)، ألا ترى أنهم قالوا: {أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} فإن الكلام يتعلق بهم فقدم ما يتعلق بهم.
وهذا نظير التقديم في قوله تعالى: {وَآَتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً} كما مر بيان ذلك في قوله: {وَآَتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ} [هود: 28].
{وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ}
"الشك هو أن يبقى الإنسان متوقفًا بين النفي والإثبات. والمريب هو الذي يظن به السوء. فقوله: {وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ} يعني به أنه لم يترجح في اعتقادهم صحة قوله.
وقوله: {مُرِيبٍ} يعني أنه ترجح في اعتقادهم فساد قوله. وهذا مبالغة في تزييف كلامه" (2).
** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الثالث من ص 255 إلى ص 256.
(1) الكشاف 2/105
(2) تفسير الرازي 6/368.