عرض وقفة أسرار بلاغية

  • ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴿٢﴾    [الصف   آية:٢]
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)} أخرج الكلام مخرجًا عامًا وإن كان السبب في هذا التقريع خاصًا، فإنه لم يقل: (لم تقولون كذا وكذا ولا تفعلونه) بل جعله عامًا فيما يقال ولا يفعل؛ وذلك لأنه لو ذكر الأمر الذي نزلت الحادثة بسببه لكان يظن أن الإنكار بسبب هذا الأمر دون غيره، فلو قالوا أمرًا آخر ولم يفعلوه كانوا بمنجاة من اللوم. ونحن لا يعنينا ذكر المسألة التي كانت سببًا في نزول الآية، فإنه لا يتغير الحكم على هذا الوصف الممقوت أيًّا كان السبب. والذي يدل عليه السياق وما يذكر في أسباب النزول أن الأمر يتعلق بالقتال وإن اختلف في تحديد هذا الأمر، فقد ذكر أن جماعة من المؤمنين قالوا: لو كنا نعلم أحب الأعمال إلى الله لبادرنا إليه، فلما كتب عليهم القتال كرهوا ذلك أو نكلوا عنه. وقيل: إن بعضهم كان يقول: قتلت، ولم يقتل. وطعنت، ولم يطعن، وفعلت كذا، ولم يفعل، فأنزل الله ذاك. وسواء كان الأمر فيما ذكر أم في غيره فإن ذلك وصف ممقوت، وكله يندرج فيمن يقول ما لا يفعل. ** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الأول من ص 282 إلى ص 282.