عرض وقفة أسرار بلاغية
- ﴿مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا ﴿١٣﴾ ﴾ [الإنسان آية:١٣]
{مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13) }
كرر (فيها) مرتين فقال: { مُتَّكِئِينَ فِيهَا ..... لَا يَرَوْنَ فِيهَا} وذلك لأن حذف الثانية يوقع في اللبس، فإنه لو قال: (لا يرون شمسًا ولا زمهريرًا) لأوهم أن عدم الرؤية هذه هي عند الاتكاء على الأرائك، فإذا غادروا مكان الجلوس رأوا فيها الشمس والزمهرير، فذكر (فيها) لإفادة أنه ليس في الجنة شمس ولا زمهرير، وليس نفى الرؤية عند الاتكاء فقط.
وقوله: {لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا}
قيل: المراد منه أنهم لا يذوقون فيها الحر ولا البرد؛ لأنها ليس فيها أشد شمس فتلفحهم بحرها، وليس فيها برد شديد، والزمهرير: هو أشدّ البرد (1).
وقيل: إن المعنى ليس فيها شمس ولا قمر؛ لأن الزمهرير هو القمر بلغة بعض العرب (2).
وعلى هذا يكون المعنى أنها نور يتلألأ فلا تحتاج إلى شمس أو قمر، فهي أضو من الشمس وأنور من القمر، وأنها ليس فيها ليل وإنما هي نور مستديم.
والحق أن المراد كل هذه المعاني، فالجنة جوها معتدل لا فيها حر شديد ولا برد مؤذ، وأنها لا شمس فيها ولا قمر وإنما هي مشرقة بنور ربها.
وقال: (زمهريرًا) ولم يقل: (قمرًا) ليجمع المعنيين: الاعتدال في الجو والنور المتلألئ، جاء في (الكشاف): "يعنى أن هواءها معتدل، لا حر شمس يحمى ولا شدة برد تؤذي ... وقيل الزمهرير: القمر ... والمعنى: أن الجنة ضياء فلا يحتاج فيها إلى شمس وقمر" (3).
** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الأول من ص 241 إلى ص 242.
(1) الكشاف 3/297.
(2) البحر المحيط 8/392.
(3) الكشاف 3/297.