عرض وقفة أسرار بلاغية
{يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا}
بدأ بالوفاء بالنذر لأنه واجب، وذكروا للنذر ههنا معنيين:
الأول: هو النذر المعهود مما أوجبه العبد على نفسه، وهو الأظهر.
والثاني: أن المراد بالنذر "ههنا عام لما أوجبه الله تعالى وما أوجبه العبد، فيدخل فيه الإيمان وجميع الطاعات" (1).
جاء في (الكشاف): "والوفاء بالنذر مبالغة في وصفهم بالتوفر على أداء الواجبات؛ لأن من وفى بما أوجبه هو على نفسه لوجه الله كان بما أوجبه الله عليه أوفى" (2).
وذكر بعده خوف اليوم الآخر، فكأنه ذكر النية المقارنة للعمل، والعمل لا يقبل إلا إذا كان مقرونًا بالنية.
جاء في (التفسير الكبير): "واعلم أن تمام الطاعة لا يحصل إلا إذا كانت النية مقرونة بالعمل. فلما حكى عنهم العمل وهو قوله: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} حكى عنهم النية وهو بقوله: {وَيَخَافُونَ يَوْمًا} وتحقيقه قوله عليه السلام: (إنما الأعمال بالنيات) وبمجموع هذين الأمرين سماهم الله تعالى بالأبرار" (3).
ومعنى (مستطيرًا): "فاشيًا منتشرًا بالغًا أقصى المبالغ، من استطار الحريق، واستطار الفجر، وهو من طار، بمنزلة استنفر من نفر" (4).
قال قتادة "استطار والله شر ذلك اليوم حتى ملأ السموات والأرض" (5).
** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الأول من ص 227 إلى ص 228.
(1) البحر المحيط 8/395.
(2) الكشاف 3/297.
(3) التفسير الكبير 30/242.
(4) الكشاف 3/297.
(5) تفسير ابن كثير 4/454.