عرض وقفة أسرار بلاغية

  • ﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ ﴿١﴾    [الأنبياء   آية:١]
إن هذه السورة مرتبطة بخواتيم السورة التي قبلها وهي سورة (طه) من أكثر من وجه منها: 1- أنه قال في خواتيم سورة طه: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُّسَمًّى} وقال في أول سورة الأنبياء: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ} وممل قيل في الأجل المسمى المذكور في آية طه أنه يوم القيامة (1) وهو موعد الحساب. 2- قال سبحانه في خواتيم سورة طه: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126)} أي أتتك آياتنا فأعرضت عنها. وقال سبحانه في أول سورة الأنبياء: {وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ } فكلتا الآيتين في المعرضين عن آيات ربهم. 3- قال في أواخر سورة طه: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} وقال في أول سورة الأنبياء: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (3) } وقال فبها أيضًا: {بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ (5) } فأمره في طه أن يصبر على ما قالوه في الأنبياء. 4- وقال في أواخر طه: {وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى (133)} وقال في أول الأنبياء: {فَلْيَأْتِنَا بِآَيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (5)} فكلتا الآيتين في طلب آية. جاء في (البحر المحيط): "مناسبة هذه السورة لما قبلها أنه لما ذكر: {قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا} [طه: 135] قال مشركو قريش: محمد يهددنا بالمعاد والجزاء على الأعمال، وليس يصح، وإن يصح ففيه بعد فأنزل الله تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ} (2). ** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الرابع من ص 5 إلى ص 6. (1) انظر روح المعاني 16/280. (2) البحر المحيط 6/295 وانظر كتابنا (التناسب بين السورة في المفتتح والخواتيم) 116.