عرض وقفة أسرار بلاغية
- ﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ ﴿٢٨﴾ ﴾ [هود آية:٢٨]
- ﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ ﴿٦٣﴾ ﴾ [هود آية:٦٣]
• ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ ﴾ [هود :٢٨] مع ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً ﴾ [هود :٦٣]
• ما وجه التعبير، بقوله : ﴿ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ ﴾ بقصة نوح (عليه السلام)، وبقوله : ﴿ وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً ﴾ بقصة صالح (عليه السلام) ؟
• قال الغرناطي : لــ " أن قوم صالح (عليه السلام)؛بالغوا في إساءة الجواب، حين قالوا : ﴿ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا ﴾ [هود :٦٢]، أي : قد كنت مرجواً أن تسُود فينا حتى نقطع عن رأيك، ونرجع إليك من أمورنا، فرَموا مقامه النبوي بحط مرتبته عنهم، فلما بالغوا في إساءة الجواب؛ جاوبهم (عليه السلام) رداً لمقالهم الشنيع، بقوله : ﴿ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً ﴾؛ فقدم المجرور؛ لتأكيد أن الرحمة من عند الله تعالى : ( وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً ﴾.
ولما لم يكن في مراجعة قوم نوح مثل هذا في شناعة الجواب؛ لأن أقصى المفهوم من قولهم :﴿ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِّثْلَنَا ﴾ [هود :٢٧]؛إلحاقه بهم، ومماثلته إياهم، فلم يكن في قول هؤلاء ما في قول قوم صالح؛ فجرى جوابه (عليه السلام) على نسبة ذلك فقال : ﴿ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ ﴾ ، فأتى بالمجرور مؤخراً في محله على ما يجب، حيث لا يقصد في إحراز المفهوم ما قصد في الآية الأخرى، فورد كل على ما يلائم، والله أعلم ".
روابط ذات صلة: