عرض وقفة أسرار بلاغية
- ﴿وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴿٩٣﴾ ﴾ [يونس آية:٩٣]
- ﴿وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴿١٧﴾ ﴾ [الجاثية آية:١٧]
• ﴿ وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ ﴾ [يونس :٩٣] مع ﴿ وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ﴾ [الجاثية :١٧]
• ما وجه التعبير، بقوله : ﴿ وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ﴾ بموضع يونس، وبقوله : ﴿ وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ الْأَمْرِ ﴾ بموضع الجاثية، مع اتحاد المعنى المقصود في الآيتين ؟
• قال الغرناطي : لــ " أن آية يونس : تقدم قبلها دعاء موسى (عليه السلام) على فرعون وملئه، فأجاب سبحانه دعاء نبيّه، وطمس على أموال آل فرعون وملئه، وأغرقه وآله، ونجى بني إسرائيل من الغرق، وقطع دابر عدوهم، وأورث بني إسرائيل أرضهم وديارهم يتبوؤون منها حيث شاؤوا، فقال سبحانه معرفاً نبيه محمدا (ﷺ) : ﴿وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ ﴾ أي : مكنّاهم ومهدنا لهم أمرهم بإهلاك عدوهم، وبما أورثناهم بعد ضعفهم من مشارق الأرض ومغاربها، فبعد تمكن أمرهم، واستحكام حالهم، واستقرار أمر دينهم بما شاهدوه من الآيات، وعظيم البراهين الـمُعْقِبة لمن شاهدها اليقين؛ اختلفوا جرياً على ما سبق لهم ولغيرهم.
أما آية الجاثية : فتقدم قبلها بسط الدلالة والبراهين، والتنبيه بخلق السموات والأرض، وما بث سبحانه فيهما من أصناف المخلوقات، واختلاف الليل والنهار وتعاقبهما، وإنزال الرزق من السماء، وإحياء الأرض بعد موتها بما ينزل من الرزق إليها، وتصريف الرياح، ثم ذكر سبحانه أن هذه الآيات إنما يعتبر بها، ويهتدي بأنوارها مَن منحه الله تعالى العقل، وهداه إلى الاعتبار؛ فاقتضى ذلك ما قدم من بسط الآيات، وواضح ما خصه تعالى من واضح الدلالات في صدر هذه السورة بسط ما منحه بنو إسرائيل، وما بين لهم مما أشار إليه، قوله تعالى : ﴿ وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ الْأَمْرِ ﴾؛ فنوسب الإيجازُ بالإيجازِ، والإطنابُ بالإطنابِ، وجاء كل على ما يجب ويناسب، مع اتحاد المقصود في السورتين ".
روابط ذات صلة: