عرض وقفة أسرار بلاغية

  • ﴿لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَّاتَّبَعُوكَ وَلَكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴿٤٢﴾    [التوبة   آية:٤٢]
  • ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴿١٠٧﴾    [التوبة   آية:١٠٧]
  • ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴿١١﴾    [الحشر   آية:١١]
  • ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴿١﴾    [المنافقون   آية:١]
• ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ [التوبة :٤٢] مع ﴿ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ [التوبة :١٠٧] و ﴿ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ [الحشر :١١] و ﴿ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴾ [المنافقون :١] • ما وجه التعبير بقوله : ﴿ يَعْلَمُ ﴾ بالموضع الأول من التوبة، وبقوله : ﴿ يَشْهَدُ ﴾ في غيره ؟ • قال الغرناطي : لــ " أن الاستطاعة وعدمها، حكم لا يطّلع عليه في الغالب، بل ينفرد كل بحاله في ذلك إلا أن يعلم ذلك بقرينة، فقول المنافقين في إخبار الله تعالى عنهم : ﴿ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ ﴾ غير مشاهد من ظاهرهم، فقد كان يمكن صدقهم، أو صدق بعضهم؛ لولا أنه سبحانه أعلم نبيه (ﷺ) بحالهم، وما يكون من اعتذارهم قبل أن يقع منهم، وبتقاسعهم عن الخروج، فقال تعالى : ﴿ لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَّاتَّبَعُوكَ وَلَكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ ﴾ فأعلم تعالى بما يكون منهم قبل أن يكون، وذلك غيب، وأعلم بوجه تقاعسهم وتثبطهم، ثم أعلم بكذبهم، فقال : ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ فحصل العلم بحالهم بإخباره تعالى، ثم تكاثرت الشواهد عنهم. أما الآية الثانية : فهي في أهل مسجد الضرار وأمرهم، مما قد كانوا تواطؤوا عليه، ولم يخف َحال بعضهم عن بعض، وذلك بخلاف حال الاستطاعة، وما يمكن فيها من الخفاء، فكان هذا مما يرجع إلى حكم الظهور والشهادة؛ فكان ورود قوله تعالى هنا : ﴿ وَاللَّهُ يَشْهَدُ ﴾ أنسب، وكذا الحكم في آية الحشر؛ لبنائها على قوله تعالى : ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ ﴾ وكل هذا قول مُشاهد معلوم مُدْرَك بحاسة السمع، وما وعدوا به إخوانهم من نصرتهم، والخروج معهم إن خرجوا، فكل ذلك مما كان يشاهد لو وقع، وليس شيء من ذلك كالاستطاعة في خفائها وغيابها؛ فناسب هذا قوله تعالى : ﴿ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾، وأما الوارد في سورة المنافقين؛ لأن قولهم : ﴿ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ﴾ قول مدرك بالسمع، مع أن هذه الآية قولهم : نشهد، فطابق هذا وناسبه قوله : ﴿ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴾ وجاء كل من هذه الآي على ما يجب ويناسب، والله أعلم ".
روابط ذات صلة: