عرض وقفة أسرار بلاغية
- ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿١٦٥﴾ ﴾ [الأنعام آية:١٦٥]
- ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا ﴿٣٩﴾ ﴾ [فاطر آية:٣٩]
• ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ ﴾ [الأنعام :١٦٥] مع ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ ﴾ [فاطر :٣٩]
• ما وجه التعبير بقوله : ﴿ خَلَائِفَ الْأَرْضِ ﴾ بموضع الأنعام، وبقوله : ﴿ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ ﴾ بموضع فاطر ؟
• قال الغرناطي : لــ " أنه لما تقدم قبل آية الأعراف، قوله سبحانه : ﴿ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ [الأنعام :١٦١]، واستمر الخطاب له معرفاً عن حاله، وواضح طريقه، إلى قوله : ﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [الأنعام :١٦٤]، فعمّ ما سواه سبحانه بالدخول تحت ملكه وقهره، فناسب هذا ما ذكر من إنعامه على عباده، بجعلهم خلائف الأرض، ولو كان بحرف الوعاء لم يكن ليفهم التوسعة في الاستيلاء والإطلاق، إلا بضمير يحرز ذلك، أن قوله : ﴿ فِي الْأَرْضِ ﴾ إنما يفهم أنه موضع استخلافهم، وهل كلها أو بعضها؛ ذلك محتمل، أما بغير حرف الوعاء؛ فأظهر في التعميم، وإن كان لم يكن نصاً إلا أنه أظهر من المتقيد بحرف الوعاء؛ فناسب الإطلاقُ الإطلاقَ.
وأما قوله في سورة الملائكة : ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ ﴾ فقد تقدم قبله : ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا ﴾ [فاطر :٣٦] إلى قوله : ﴿ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم ﴾ [فاطر :٣٧] ثم أعقب قوله : ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ ﴾ بقوله : ﴿ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا ﴾، فلما اكتنف الآية ما ذكرته مما هو نقيض الوارد في آية الأنعام؛ ناسب ذلك التقييد بحرف الوعاء؛ إذ لا يلائم البسطُ القبضَ، فجاء كل على ما يجب، ولا يناسب العكس، والله سبحانه أعلم بما أراد ".
روابط ذات صلة: