عرض وقفة تذكر واعتبار

  • ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴿٢٢٨﴾    [البقرة   آية:٢٢٨]
وردت كلمةُ (بالمعروف) كمعيارٍ حاكمٍ في كتاب الله تعالى في أحد عشر موضعاً، كان نصيب أحكام الأسرة منها ثمانية مواضع: (حقوق الزوجة، رجعة المطلقة، أجرة المرضعة، انقضاء العدة، متعة المطلقة (مرتان)، عشرة النساء، المهر). هذا التكرار والتأكيد على معيارية العرف في القضايا الاجتماعية، الغامضة بمظاهرها، المحيِّرة حقاً بتقلباتها، ليؤسس لنظرية مهمة يمكنها أن تفكك كل عقدة ناشئة في العلاقات الأسرية، حتى تتحرر ويعاد غزلُها ضمن النسيج الاجتماعي بوئام وتقارب، وألفة وإحسان. في معيار العرف، تتجلى المركزية للقيمة، القيمة الاجتماعية العليا التي تجعلك تتماهى مع نسيجك المناسب لك، مع خلفيتك وتربيتك وتعليمك وملاءتك، فلا تخرج عنه، وحيث تخبو المقارنات فلا تتطلب شططاً، ولا يفرض عليك أحدٌ معيارا حاسمًا محددًا، فيكون كمن يغرسك في غير تربتك. ‏ولهذا فإن من العجيب حقًا أن يعرض شخص مشكلاته الاجتماعية ويظن أن "جهالته" تجعله بمأمن، ثم ترى الآخر يبسطها لمتابعيه، وإذ بالردود تنهال عليهم تأخذ بالأمر ذات اليمين وذات اليسار، كل امرئ يشير برأيه من كيسه، ولا يزيد ذاك صاحبنا إلا "خوفاً ووهناً".. وانظر إلى عظمةِ التشريع حين يثورُ الشقاق بين الزوجين، فلا يستقلّ القاضي - وهو القاضي! - في البتّ في أمرهما، حتى يبعث "حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها"، لأجل أن ينظرا في أمرهما بعينٍ من طبقتهم، وبأدوات قرار من نسيجهم، فيصدران وقد استوردا الحلّ من أعرافهم!